كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 5)

{وَإِن تظاهرا عَلَيْهِ فَإِن الله هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيل وَصَالح الْمُؤمنِينَ وَالْمَلَائِكَة بعد ذَلِك ظهير (4) عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن}
وَقَوله: {وَإِن تظاهرا عَلَيْهِ} ثَبت أَن ابْن عَبَّاس سَأَلَ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تظاهرتا على النَّبِي أَي: توافقتا على فعل مَا يشْتَد عَلَيْهِ ويؤذيه غَيره عَلَيْهِ، فَقَالَ: هما حَفْصَة وَعَائِشَة.
وَقَوله: {فَإِن الله هُوَ مَوْلَاهُ} أَي: ناصره وحافظه {وَجِبْرِيل} أَي: ينصره أَيْضا ويحفظه.
وَقَوله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: قَالَ الْعَلَاء بن زِيَاد: هم الْأَنْبِيَاء، وَهُوَ قَول قَتَادَة فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ قَول سُفْيَان الثَّوْريّ.
وَعَن قَتَادَة فِي رِوَايَة أُخْرَى قَالَ: هُوَ أَبُو بكر وَعمر، وهما أَبَوا الْمَرْأَتَيْنِ. قَالَ سعيد بن أبي عرُوبَة وَهُوَ الحاكي ذَلِك عَن قَتَادَة: ذكرت ذَلِك لسَعِيد بن جُبَير فَقَالَ: صدق قَتَادَة. وروى اللَّيْث عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: هُوَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ. وَعَن بَعضهم: هُوَ خِيَار الْمُؤمنِينَ.
وَقَوله: {وَالْمَلَائِكَة بعد ذَلِك ظهير} أَي: ظهراء وَأَعْوَان، وَاحِد بِمَعْنى الْجمع، مثل قَوْله تَعَالَى: {وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} أَي: رُفَقَاء. قَالَ الشَّاعِر
(إِن العواذل لَيْسَ لي بأمير ... )
أَي: بأمراء. وَرُوِيَ أَن عمر عَاتب حَفْصَة وَقَالَ: لَو أَمرنِي رَسُول الله أَن أضْرب رقبتك لضَرَبْت.
قَوْله تَعَالَى: {عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن} فَإِن قيل: كَيفَ خيرا مِنْكُن وَلم يكن فِي ذَلِك الْوَقْت أحد من النِّسَاء خيرا مِنْهُنَّ؟ وَالْجَوَاب: أَن مَعْنَاهُ: إِن طَلَّقَكُن بإلجائكن إِيَّاه إِلَى الطَّلَاق، وَشدَّة آذاكن لَهُ، وَترك التَّوْبَة فيبدله خير مِنْكُن أَي: أطوع لَهُ مِنْكُن، وَيُقَال: أحب لَهُ مِنْكُن.

الصفحة 474