كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 5)

{وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة عَلَيْهَا مَلَائِكَة غِلَاظ شَدَّاد لَا يعصون الله مَا أَمرهم ويفعلون مَا يؤمرون (6) يَا أَيهَا الَّذين كفرُوا لَا تعتذروا الْيَوْم إِنَّمَا تُجْزونَ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ (7) }
وَقَوله: {وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة} قد بَينا فِي سُورَة الْبَقَرَة، وَهُوَ حِجَارَة الكبريت.
وَقَوله: {عَلَيْهَا مَلَائِكَة غِلَاظ شَدَّاد} أَي: غِلَاظ الْقُلُوب، شَدَّاد الْأَيْدِي. وَفِي التَّفْسِير: أَن وَاحِدًا مِنْهُم يلقِي سبعين ألفا بدفعة وَاحِدَة فِي النَّار. وَفِي بعض الْآثَار: " أَن الله تَعَالَى لم يخلق فِي قُلُوب الزَّبَانِيَة شَيْئا من الرَّحْمَة ". وَعَن بَعضهم: أَنه يَأْخُذ العَبْد الْكَافِر بعنف شَدِيد، فَيَقُول ذَلِك العَبْد: أما ترحمني؟ ! فَيَقُول: كَيفَ أرحمك، وَلم يَرْحَمك أرْحم الرَّاحِمِينَ.
وَفِي بعض الْآثَار أَيْضا: أَن الله تَعَالَى يغْضب على الْوَاحِد من عبيده، فَيَقُول للْمَلَائكَة: خذوه فيبتدره مائَة ألف ملك، كلهم يغضبون بغضب الله تَعَالَى، فيجرونه إِلَى النَّار، وَالنَّار أَشد غَضبا عَلَيْهِ مِنْهُم بسبعين ضعفا.
وَقَوله: {لَا يعصون الله مَا أَمرهم ويفعلون مَا يؤمرون} ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين كفرُوا لَا تعتذروا الْيَوْم} يَعْنِي: يُقَال لَهُم يَوْم الْقِيَامَة: لَا تعتذروا، أَي: لَا عذر لكم فتعتذروا.
وَقَوله: {إِنَّمَا تُجْزونَ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} أَي: بعملكم فِي الدُّنْيَا.
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} قَالَ (الزُّهْرِيّ) : كل مَوضِع فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} افعلوا كَذَا فالنبي عَلَيْهِ السَّلَام فيهم. وَعَن خَيْثَمَة قَالَ: كل مَا فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} فَهُوَ فِي التَّوْرَاة يَا أَيهَا الْمَسَاكِين. وَقد ذكرنَا عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: إِذا سَمِعت الله يَقُول: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} فارعها سَمعك، فَإِنَّهُ شَيْء تُؤمر بِهِ، أَو شَيْء تنْهى عَنهُ.

الصفحة 476