كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 5)

{أكبر من مقتكم أَنفسكُم إِذْ تدعون إِلَى الْإِيمَان فتكفرون (10) قَالُوا رَبنَا أمتنَا اثْنَتَيْنِ وأحيينا اثْنَتَيْنِ فاعترفنا بذنوبنا فَهَل إِلَى خُرُوج فِي سَبِيل (11) ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذا دعِي الله} أَنفسكُم) أَي: مقت الله إيَّاكُمْ فِي الدُّنْيَا أعظم من مقتكم الْيَوْم أَنفسكُم بِمَا ظهر لكم من أَعمالكُم السَّيئَة. وَقد حكى معنى هَذَا عَن ابْن عَبَّاس. وَقَالَ بَعضهم: لمقت الله أياكم فِي الدُّنْيَا أكبر من مقت بَعْضكُم بَعْضًا، وَذَلِكَ حِين يتبرأ بَعضهم من بعض.
قَوْله: {إِذْ تدعون إِلَى الْإِيمَان فتكفرون} يَعْنِي: إِن مقت الله إيَّاكُمْ كَانَ لِأَن الله دعَاكُمْ إِلَى الْإِيمَان فكفرتم.
قَوْله تَعَالَى: {قَالُوا رَبنَا أمتنَا اثْنَتَيْنِ وأحييتنا اثْنَتَيْنِ} الإماتة الأولى: هُوَ أَنهم كَانُوا نطفا فِي أصلاب الْآبَاء موتى، ثمَّ أحياهم بالخلق وَإِدْخَال الرّوح، ثمَّ يميتهم الْمَوْت الْمَعْلُوم الَّذِي لَا بُد من ذوقه، ثمَّ يحييهم يَوْم الْقِيَامَة. هَذَا قَول مُجَاهِد وَقَتَادَة وَجَمَاعَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة: أَن الْإِحْيَاء الأول حِين أخرجهم من صلب آدم وَأخذ عَلَيْهِم الْمِيثَاق، ثمَّ أماتهم بِالرَّدِّ إِلَى الأصلاب، ثمَّ أحياهم بِالْإِخْرَاجِ ثَانِيًا، ثمَّ يميتهم الْمَوْت الْمَعْرُوف. فَإِن قيل: فَأَيْنَ الْحَيَاة فِي الْآخِرَة؟ قُلْنَا: المُرَاد على هَذَا القَوْل حياتان وموتتان فِي الدُّنْيَا سوى الْحَيَاة فِي الْآخِرَة.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الإماتة الأولى هُوَ الْمَوْت الْمَعْرُوف، والإحياء الأول هُوَ الْإِحْيَاء فِي الْقَبْر للمسائلة، والإماتة الثَّانِيَة هِيَ الإماتة بعد الْإِحْيَاء فِي الْقَبْر، والإحياء الثَّانِيَة هِيَ الْإِحْيَاء للبعث، هَكَذَا ذكره السدى.
وَقَوله: {فاعترفنا بذنوبنا} أَي خطايانا
وَقَوله {فَهَل إِلَى خُرُوج من سَبِيل} أَي: فَهَل إِلَى خُرُوج عَن النَّار من سَبِيل.
قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذا دعى الله وَحده كَفرْتُمْ} مَعْنَاهُ: أَن تخليدكم فِي النَّار

الصفحة 9