كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 5)
أَيَقْتُلُنِي وَالمَشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي ... وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ «1»
فإنَّما شَبَّه بما استقر في النفوس من هيئتها، والشَّوْبُ: المِزَاجُ والخَلْطُ قاله ابن عباس وقتادة «2» ، والحميم: السُّخْنُ جِدًّا مِن الماء ونحوِهِ، فيريد به هاهنا شَرَابَهُمْ الذي هو طِينةُ الخَبَالِ صَدِيدُهُمْ وَمَا يَنْماعُ مِنْهُمْ هذا قولُ جماعةٍ من المفسرين.
وقوله تعالى: ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ كقوله تعالى: يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ [الرحمن: 44] وقوله سبحانه: إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ... الآية، تمثيل لقريش ويُهْرَعُونَ معناه: يُسْرِعُونَ قاله قتادة وغيره «3» ، وهذا تَكَسُّبُهُمْ للكفر وحرصهم عليه.
[سورة الصافات (37) : الآيات 73 الى 76]
فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (74) وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76)
وقوله تعالى: فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ يَقْتَضِي الإخبارَ بأنه عذَّبَهُمْ ولذلك حَسُنَ الاستثناءُ في قوله: إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ونِداءُ نُوحٍ تَضَمَّنَ أشْياءَ كطَلبِ النصرة والدعاءِ على قومِه وغيرِ ذلك، قال أبو حيان «4» : وقوله: فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ جَوابُ قَسَمٍ كقوله: [من الطويل]
يمينا لنعم السّيّدان وجدتما «5» ... ............... ................
__________
(1) من قصيدة أولها:
ألا عم صباحا أيها الطّلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي
ينظر: «ديوانه» (33) ، «معاهد التنصيص» (2/ 7) ، «الكامل» (3/ 96) ، «البحر المحيط» (7/ 363) ، و «الدر المصون» (5/ 506) .
(2) أخرجه الطبري في «تفسيره» (10/ 495) برقم: (29402) عن ابن عبّاس، وبرقم: (29404) عن قتادة، و (29405) عن السدي، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (4/ 476) عنهما، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 11) عن ابن عبّاس، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 522) ، وعزاه لابن المنذر عن ابن عبّاس.
(3) أخرجه الطبري في «تفسيره» (10/ 496) برقم: (29413) عن قتادة، وبرقم: (29414) عن السدي، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (4/ 476) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 523) ، وعزاه لعبد بن حميد عن قتادة.
(4) ينظر: «البحر المحيط» (7/ 349) .
(5) صدر بيت لزهير بن أبي سلمى وعجزه:
............. ... على كلّ حال من سجيل ومبرم
البيت في «ديوانه» ص: (14) ، و «الأشباه والنظائر» (8/ 210) ، و «جمهرة اللغة» ص: (534) ، و «خزانة الأدب» (3/ 6) ، (9/ 387) ، و «الدرر» (4/ 227) ، و «شرح عمدة الحافظ» ص: (792) ، و «همع الهوامع» (2/ 42) ، وبلا نسبة في «خزانة الأدب» (9/ 390) .
الصفحة 33