كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 5)

تفسير سورة «الغاشية»
وهي مكّيّة بإجماع

[سورة الغاشية (88) : الآيات 1 الى 2]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (2)
قال بعض المفسرين: هَلْ بمعنى «قَدْ» وقال الحُذَّاق: هي على بابها توقيفٌ فائِدتُه تَحْرِيكُ نفس السامع إلى تلقّي الخبر، والْغاشِيَةِ القيامة، لأنها تَغْشَى العالَم كلَّه بهَوْلِها، والوجوهُ الخاشعةُ هي وجوهُ الكُفَّارِ وخشوعُها ذلُّها وتغييرُهَا بالعذاب.

[سورة الغاشية (88) : الآيات 3 الى 10]
عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (3) تَصْلى ناراً حامِيَةً (4) تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (6) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7)
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (8) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (10)
وقوله سبحانه: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ قال الحسن وغيره: لم تعملْ للَّهِ في الدنيا فأعْمَلَهَا وأَنْصَبَها في النارِ، والنَّصَبُ التَّعبُ «1» ، وقال ابن عباس وغيره: المعنى عاملَةٌ في الدنيا ناصِبَةٌ فِيها على غير هُدًى فَلا ثَمَرَةَ لَعملِها، إلا النَّصَبُ، وخاتمتُه النارُ «2» ، قالوا: والآية في القِسِّيسينَ وكلِّ مجتهدٍ في كُفْرٍ، وقرأ أبو بكر عن عاصم وأبو عمرو «تُصْلَى» - بضم التاءِ والباقونَ بفتحها «3» - والآنيةُ: التي قد انتَهى حرُّها كما قال تعالى وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ [الرحمن: 44] وقال ابن زيد: آنية: حَاضِرَة «4» ، والضريعُ: قال الحسن وجماعةً: هو الزَّقُّوم «5» ، وقال ابن عباسٍ وغيره: الضريع شبرق النار «6» ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم الضريع شوك
__________
(1) أخرجه الطبري (12/ 551) (37010) ، وذكره البغوي (4/ 478) بنحوه.
(2) ذكره البغوي (4/ 478) . وذكره ابن عطية (5/ 472) .
(3) ينظر: «السبعة» (681) ، و «الحجة» (6/ 399) ، و «إعراب القراءات» (2/ 469) ، و «معاني القراءات» (3/ 140) ، و «شرح الطيبة» (6/ 109) ، و «العنوان» (20) ، و «حجة القراءات» (759) ، و «شرح شعلة» (622) ، و «إتحاف» (2/ 605) .
(4) أخرجه الطبري (12/ 552) ، (37020) ، وذكره ابن عطية (5/ 473) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 573) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.
(5) ذكره ابن عطية (5/ 473) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 573) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن أبي حاتم.
(6) أخرجه الطبري (12/ 552) ، (37021) ، وذكره البغوي (4/ 478) ، وابن عطية (5/ 473) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 573) ، وعزاه لعبد بن حميد عن ابن عبّاس.

الصفحة 582