كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 5)

تفسير سورة «الضّحى»
[وهي] مكّيّة بلا خلاف

[سورة الضحى (93) : الآيات 1 الى 6]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (4)
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (6)
تقدّم تفسير الضُّحى بأنه: سُطُوع الضوءِ وعِظَمُه، وقال قتادة: الضُّحى هنا النهار كلّه «1» وسَجى معناه سَكَنَ واستقَرَّ لَيْلاً تامًّا، وقيل: معناه أقْبَلَ، وقِيلَ: معناه أدْبَرَ، والأولُ أصحُّ، وعليه شواهِدُ، وقال البخاريُّ: قال مجاهد: إِذا سَجى اسْتَوَى «2» ، وقال غيره: أظلمَ وسكنَ، انتهى،، وقرأ الجمهور: مَا وَدَّعَكَ- بشدِ الدالِ- من التَّوْدِيع وقُرِىءَ «3» بالتخفيفِ بمعنى: ما تَرَكَكَ، وقال البخاريُّ: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ بالتشديدِ والتخفيفِ: ما تَرَكَكَ، انتهى.
وقَلى أبْغَضَ، نزلتْ بسببِ إبطَاءِ الوَحْي مدَّة وَلَلْآخِرَةُ يعني: الدارَ الآخِرَةَ خيرُ لَكَ من الدنيا، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى قيل: هي أرْجَى آية في القرآن لأنّه صلّى الله عليه وسلّم لا يرضى، وواحدٌ من أمتهِ في النارِ، ورُوِي أنه- عليه الصلاةُ والسلام- قال لما نَزَلَتْ: «إِذنْ لاَ أرضى، وأَحدٌ مِنْ أُمَّتِي في النَّارِ» قال عِيَاضٌ: وهذه آيةٌ جامعةٌ لوجوه الكرامة وأنواع
__________
(1) أخرجه الطبري (12/ 621) ، (37492) ، وذكره البغوي (4/ 498) ، وابن عطية (5/ 493) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 609) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه.
(2) أخرجه الطبري (12/ 622) ، (37496) ، وذكره البغوي (4/ 498) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 609) ، (6/ 609) وعزاه للفريابي وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه.
(3) حكيت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكذلك عروة بن الزبير.
ينظر: «الشواذ» ص: (175) ، و «المحتسب» (2/ 364) ، و «الكشاف» (4/ 765) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 493) ، و «البحر المحيط» (8/ 480) ، و «الدر المصون» (6/ 537) .

الصفحة 601