كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 5)

ذلكَ مبالغةً، وذَهَبَ كثيرٌ من العلماءِ إلى أنَّ مع كلِّ عُسْرٍ يُسْرَيْنِ بهذه الآية، من حيثُ إنَّ العُسْرَ مُعَرَّفٌ للعَهْدِ واليسْرُ مُنَكَّرٌ فالأولُ غَيْرُ الثاني، وقَدْ جاء في هذا التأويل حديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قَالَ: «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ» «1» ، ثم أمر تعالى نَبِيَّهُ إذا فَرَغَ مِن شُغْلِ مِنْ أَشْغَالِ النبوَّةِ والعبادةِ أن يَنْصَبَ في آخِرِه، والنَّصَبُ: التعبُ، والمعنى: أن يَدْأَبَ على مَا أُمِرَ به ولاَ يَفْتُرَ، وقال ابنُ عباسٍ: إذا فَرغْتَ مِنْ فَرْضِكَ فَانْصَبْ في التَّنفُّلِ عبادةً لربك «2» ، ونحوُه عن ابن مسعود وعن مجاهد: «فإذا فرغت من العبادةِ فانْصَبْ في الدعاء» «3» .
وَقَوْلُه تعالى: وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ: أمر بالتوكل على الله- عز وجل- وصَرْفِ وُجُوهِ الرَّغَبَاتِ إليه لا إلى سواه.
__________
(1) تقدم.
(2) أخرجه الطبري (12/ 628) ، (37542) ، وذكره ابن عطية (5/ 497) ، وأبو حيان (8/ 484) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 617) ، وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم. [.....]
(3) أخرجه الطبري (12/ 628) ، (37541) عن ابن عبّاس، وذكره البغوي (4/ 503) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 526) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 617) ، وعزاه لابن أبي الدنيا.

الصفحة 605