كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 5)

بيان ما ذكرنا من وجهين:
الأول: هو أن جزم (¬1) النَّافي بالنفي أمرٌ ثبوتيٌّ، فإما أن يلزم من عدم الجزم بالنفي الجزم بالثبوت أو لا يلزم، فإن لزم (¬2)، فنقول: كما لم يوجد ما يقتضي ثبوت المطلوب، لم يوجد ما يقتضي الجزم (¬3) بالنفي، فليس الاستدلال بعدم دليل ثبوت الشيء على ثبوت الجزم بانتفائه بأولى من الاستلال بعدم دليل ثبوت الجزم بالنفي على حصول المطلوب.
وإما أن تحصل (¬4) الدلالتان معاً، فحينئذٍ يلزم منه الجزم بالثبوت والعدم، وهو محالٌ، وإما أن لا يحصُل واحدٌ منهما، فيكون ذلك (¬5) اعترافاً بأن عدم دليل الثبوت لا يقتضي الجزم بالنفي، وأما إن كان لا يلزم من عدم الجزم بالنفي (¬6) الجزم بالثبوت، فذلك إنما يكون إذا كان بينهما واسطةٌ، وإذا كان كذلك، لا يلزم من عدم ما يقتضي الجزم بالثبوت (¬7) الجزم بالنفي لاحتمال القسم الثالث، وهو عدم الجزم أصلاً وحصول التوقف.
قلت: وهذا الوجه هو المعتمد، وفيه كفايةٌ لما يظهر في الوجه الثاني من (¬8) قبيل المعارضة دون التحقيق.
قال الرازي: الثاني: سلمنا هذا، ولكن، إن جاز (¬9) أن يُستدل بعدم دليل
¬__________
(¬1) في (ش): رجم.
(¬2) في (ب): يلزم.
(¬3) في (ب) و (ش) ثبوت الجزم.
(¬4) في (ب): يحصل.
(¬5) ساقطة من (ب).
(¬6) من قوله: " وأما إن كان " إلى هنا ساقطة من (ش).
(¬7) في (ش): وأما إن كان لا يلزم من عدم ..
(¬8) في (ب) و (ش): أنه من.
(¬9) في (ش): إن سلمنا جاز.

الصفحة 37