كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 5)
وكذلك قول موسى عليه السلام للسحرة: {ألْقُوا ما أنْتُم مُلْْقُونَ} [يونس: 80].
وكذلك ما ثبت في " الصحيح " من استحباب سؤال القتل في سبيل الله، وأن من سأل ذلك صادقاً، أُعطي فضل الشهادة (¬1).
وكذلك ثبت في " الصحيحين " من حديث عائشة (¬2)، وعُبادة (¬3) وأبي هريرة (¬4)، وأبي موسى (¬5) عنه - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ كَرِهَ لقاء الله كَرِهَ الله لقاءه ".
وتفسير ذلك أن الكافر لا يموت حتى يعلم أنه من أهل النار، فيكره لقاء الله، فيكره الله لقاءه، والمؤمن لا يموت حتى يُبَشَّر بالجنة، فيحب الموت، فيحب الله لقاءه.
وفي ذلك أن الله تعالى قد يريد وقوع ما يكره لحكمة مثل لقاء الكافر، والنكتة العقلية في ذلك أن الله لما كان لا يريد الشر، فإن قدره، فلحكمةٍ هي خير، وهي المراد به كما قَدَّر القِصاص للحياة، واليمين الغموس لاستيفاء الحقوق.
فكان التحقيق أن المراد هو ذلك الخير، ولذلك لم يأتِ نصٌّ بأن شيئاً من
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم (1908) من حديث أنس. ولفظه: " من طلب الشهادة صادقاً أُعطيها وإن لم تُصِبْه ".
(¬2) أخرجه مسلم (2684) و (2685)، والترمذي (1067)، والنسائي 4/ 10، وابن ماجه (4264)، وأحمد 6/ 44 و55 و207 و218 و236.
(¬3) أخرجه البخاري (6507)، ومسلم (2683)، والترمذي (1066)، والنسائي 4/ 10، والدارمي 2/ 312، وأحمد 5/ 316 و321.
(¬4) أخرجه مالك في " الموطأ " 1/ 240، والبخاري (7504)، ومسلم (2685)، والنسائي 4/ 10، وأحمد 2/ 420.
(¬5) أخرجه البخاري (6508)، ومسلم (2685).