كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 5)

وَمِنْهَا: الْقَتْلُ بِهَا لِقَوْلِهِ: ( «فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ إِلَيْهِ» ) ، وَقَوْلِهِ فِي لَفْظٍ آخَرَ ( «وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» ) فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْقَتْلُ بِأَيْمَانِ الزَّوْجِ الْمُلَاعِنِ وَأَيْمَانِ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْقَسَامَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ، فَلَا يَقْتُلُونَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وأحمد يَقْتُلُ فِي الْقَسَامَةِ دُونَ اللِّعَانِ، وَالشَّافِعِيُّ عَكْسُهُ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ يَبْدَأُ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ فِي الْقَسَامَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنَ الدَّعَاوَى.
وَمِنْهَا: أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ إِذَا مَنَعُوا حَقًّا عَلَيْهِمْ، انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِمَّا أَنْ تَدُوهُ، وَإِمَّا أَنْ تَأْذَنُوا بِحَرْبٍ» .
وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا بَعُدَ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، كَتَبَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يُشْخِصْهُ.
وَمِنْهَا: جَوَازُ الْعَمَلِ وَالْحُكْمِ بِكِتَابِ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ.
وَمِنْهَا: الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي الْقَسَامَةِ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ إِذَا وُجِدُوا.
وَمِنْهَا: الْحُكْمُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْنَا إِذَا كَانَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَمِنْهَا: - وَهُوَ الَّذِي أَشْكَلَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ - إِعْطَاؤُهُ الدِّيَةَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ غَارِمَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ، وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا فَضَلَ مِنَ الصَّدَقَةِ عَنْ أَهْلِهَا، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي الْمَصَالِحِ، وَهَذَا أَقْرَبُ مِنَ الْأَوَّلِ، وَأَقْرَبُ مِنْهُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ، وَاقْتَرَضَ الدِّيَةَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ: " فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ " وَأَقْرَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنْ يُقَالَ: لَمَّا تَحَمَّلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ، كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَارِمِ لِمَا غَرِمَهُ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ قَضَاهَا مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا

الصفحة 11