كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 5)
سَكَتَ عَنْهُ دَلِيلُ الْحِلِّ مِنَ الشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ فِي الْوَطْءِ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا الْمَمْلُوكَتَيْنِ، فَإِنَّ نَصَّ التَّحْرِيمِ شَامِلٌ لِلصُّورَتَيْنِ شُمُولًا وَاحِدًا، وَأَنَّ إِبَاحَةَ الْمَمْلُوكَاتِ إِنْ عَمَّتِ الْأُخْتَيْنِ عَمَّتِ الْأُمَّ وَابْنَتَهَا.
الْخَامِسُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعْ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ» ) وَلَا رَيْبَ أَنَّ جَمْعَ الْمَاءِ كَمَا يَكُونُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ يَكُونُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَالْإِيمَانُ يَمْنَعُ مِنْهُ.
[فَصْلٌ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَالْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا]
فَصْلٌ ( «وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَالْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» ) ، وَهَذَا التَّحْرِيمُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ لَكِنْ بِطَرِيقٍ خَفِيٍّ، وَمَا حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ، وَلَكِنْ هُوَ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ دَلَالَةِ الْكِتَابِ.
وَكَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى اسْتِنْبَاطِ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَمَنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ، وَقَرَعَ بَابَهُ، وَوَجَّهَ قَلْبَهُ إِلَيْهِ، وَاعْتَنَى بِهِ بِفِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ، وَقَلْبٍ ذَكِيٍّ، رَأَى السُّنَّةَ كُلَّهَا تَفْصِيلًا لِلْقُرْآنِ، وَتَبْيِينًا
الصفحة 116