كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 5)
وَكَذَلِكَ قَالَ لعبادة بن النعمان التغلبي وَقَدْ أَسْلَمَتِ امْرَأَتُهُ إِمَّا أَنْ تُسْلِمَ، وَإِلَّا نَزَعْتُهَا مِنْكَ، فَأَبَى فَنَزَعَهَا مِنْهُ.
فَهَذِهِ الْآثَارُ صَرِيحَةٌ فِي خِلَافِ مَا حَكَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ عَنْهُ، وَهُوَ حَكَاهَا وَجَعَلَهَا رِوَايَاتٍ أُخَرَ وَإِنَّمَا تَمَسَّكَ أبو محمد بِآثَارٍ فِيهَا أَنَّ عمر وَابْنَ عَبَّاسٍ وجابرا فَرَّقُوا بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ بِالْإِسْلَامِ، وَهِيَ آثَارٌ مُجْمَلَةٌ لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ فِي تَعْجِيلِ التَّفْرِقَةِ وَلَوْ صَحَّتْ، فَقَدْ صَحَّ عَنْ عمر مَا حَكَيْنَاهُ، وَعَنْ علي مَا تَقَدَّمَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَزْلِ]
ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": عَنْ ( «أبي سعيد قَالَ أَصَبْنَا سَبْيًا، فَكُنَّا نَعْزِلُ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ " قَالَهَا ثَلَاثًا. " مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ» ) .
وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ ( «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِي جَارِيَةً وَأَنَا أَعْزِلُ عَنْهَا، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ، وَأَنَا أُرِيدُ مَا يُرِيدُ الرِّجَالُ، وَإِنَّ الْيَهُودَ تُحَدِّثُ أَنَّ الْعَزْلَ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى، قَالَ: " كَذَبَتْ يَهُودُ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَهُ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ» ) .
الصفحة 128