كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 5)

التّعْزِيرِ. وَنَوْعٌ لَا حَدَّ فِيهِ، وَلَا كَفَّارَةَ، فَهَذَا يُرْدَعُ فِيهِ بِالتَّعْزِيرِ، وَنَوْعٌ فِيهِ كَفَّارَةٌ، وَلَا حَدَّ فِيهِ، كَالْوَطْءِ فِي الْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ، فَهَلْ يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَالتَّعْزِيرِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ، وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ أحمد، وَالْقِصَاصُ يَجْرِي مَجْرَى الْحَدِّ، فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّعْزِيرِ.

[فَصْلٌ فِي قَضَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِصَاصِ فِي كَسْرِ السِّنِّ]
فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": مِنْ حَدِيثِ أنس، «أَنَّ ابْنَةَ النَّضْرِ أُخْتَ الرَّبِيعِ لَطَمَتْ جَارِيَةً، فَكَسَرَتْ سِنَّهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ، فَقَالَتْ أم الربيع: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُقْتَصُّ مِنْ فُلَانَةَ؟ لَا وَاللَّهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أم الربيع كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ "، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَبَدًا، فَعَفَا الْقَوْمُ، وَقَبِلُوا الدِّيَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» .

[فَصْلٌ فِي قَضَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ فَسَقَطَتْ ثَنِيَّةُ الْعَاضِّ بِإِهْدَارِهَا]
ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " «أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ، فَوَقَعَتْ ثَنَايَاهُ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ، لَا دِيَةَ لَكَ» .
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْحُكُومَةُ أَنَّ مَنْ خَلَّصَ نَفْسَهُ مِنْ يَدِ ظَالِمٍ لَهُ، فَتَلِفَتْ نَفْسُ

الصفحة 19