كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 5)
وَحَكَمَ أَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ.
وَأَمَّا حُكْمُهُ بِإِخْرَاجِ الْخُمُسِ، فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَتِ الْخَيْلُ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ فَرَسًا، وَكَانَ أَوَّلَ فَيْءٍ وَقَعَتْ فِيهِ السُّهْمَانُ، وَأَخْرَجَ مِنْهُ الْخُمُسَ، وَمَضَتْ بِهِ السُّنَّةُ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، فَقَالَ إسماعيل: وَأَحْسَبُ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: تَرَكَ أَمْرَ الْخُمْسِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَأَتِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ مَا فِيهِ بَيَانٌ شَافٍ، وَإِنَّمَا جَاءَ ذِكْرُ الْخُمُسِ يَقِينًا فِي غَنَائِمِ حُنَيْنٍ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَوَّلُ خُمُسٍ خُمِّسَ فِي غَزْوَةِ بَنِي قَيْنُقَاعَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنَّ لَهُ أَمْوَالَهُمْ، وَلَهُمُ النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، وَخَمَّسَ أَمْوَالَهُمْ.
وَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ، فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْعَدُوَّ، تَبِعَتْهُمْ طَائِفَةٌ يَقْتُلُونَهُمْ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَائِفَةٌ اسْتَوْلَتْ عَلَى الْعَسْكَرِ وَالْغَنِيمَةِ، فَلَمَّا رَجَعَ الَّذِينَ طَلَبُوهُمْ، قَالُوا: لَنَا النَّفَلُ نَحْنُ طَلَبْنَا الْعَدُوَّ، وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِهِ، لِأَنَّا أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَنَالَ الْعَدُوُّ غِرَّتَهُ، وَقَالَ الَّذِينَ اسْتَوْلَوْا عَلَى الْعَسْكَرِ: هُوَ لَنَا، نَحْنُ حَوَيْنَاهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1] [الْأَنْفَالِ: 1] . فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَوَاءٍ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] [الْأَنْفَالِ: 41] » .
الصفحة 63