كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 5)
مَنْسُوخًا فِي الْبَيْعِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى السِّنَّوْرِ إِذَا تَوَحَّشَ، وَمُتَابَعَةُ ظَاهِرِ السُّنَّةِ أَوْلَى. وَلَوْ سَمِعَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْخَبَرَ الْوَاقِعَ فِيهِ لَقَالَ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنَّمَا لَا يَقُولُ بِهِ مَنْ تَوَقَّفَ فِي تَثْبِيتِ رِوَايَاتِ أبي الزبير، وَقَدْ تَابَعَهُ أبو سفيان عَنْ جابر عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ جِهَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، وَحَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أبي سفيان، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْهِرِّ الَّذِي لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْمَحَامِلِ مِنَ الْوَهْنِ.
[فصل تَحْرِيمُ مَهْرِ الْبَغِيِّ]
فَصْلٌ
وَالْحُكْمُ الثَّالِثُ: مَهْرُ الْبَغِيِّ، وَهُوَ مَا تَأْخُذُهُ الزَّانِيَةُ فِي مُقَابَلَةِ الزِّنَى بِهَا، فَحَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ ذَلِكَ خَبِيثٌ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ، حُرَّةً كَانَتْ، أَوْ أَمَةً، وَلَا سِيَّمَا فَإِنَّ الْبِغَاءَ إِنَّمَا كَانَ عَلَى عَهْدِهِمْ فِي الْإِمَاءِ، دُونَ الْحَرَائِرِ، وَلِهَذَا قَالَتْ هند: وَقْتَ الْبَيْعَةِ: (أَوَ تَزْنِي الْحُرَّةُ؟!) وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْحُرَّةَ الْبَالِغَةَ الْعَاقِلَةَ إِذَا مَكَّنَتْ رَجُلًا مِنْ نَفْسِهَا فَزَنَى بِهَا أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا وَاخْتُلِفَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ.
إِحْدَاهُمَا: الْحُرَّةُ الْمُكْرَهَةُ.
وَالثَّانِيَةُ: الْأَمَةُ الْمُطَاوِعَةُ، فَأَمَّا الْحُرَّةُ الْمُكْرَهَةُ عَلَى الزِّنَى فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَهِيَ رِوَايَاتٌ مَنْصُوصَاتٌ عَنْ أحمد.
أَحَدُهَا: أَنَّ لَهَا الْمَهْرَ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا، سَوَاءٌ وُطِئَتْ فِي قُبُلِهَا أَوْ دُبُرِهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا، فَلَهَا الْمَهْرُ، وَهَلْ يَجِبُ مَعَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ، وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ أبي بكر.
الصفحة 686