كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 5)

[فصل في تعدد الجمعة]
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، رحمهم الله: اعلموا أن الذي عليه جمهور أهل العلم، تحريم تعدد الجمعة في قرية واحدة يشملها اسم القرية، وكذا ما قرب منها عرفاً أو سمع النداء؛ فلا يجوز تعدد الجمعة وتفريق جماعة المسلمين إلا لحاجة، كضيق المسجد وبعدهم عن القرية. وقد كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتون الجمعة من العوالي وما حاذاها، وهي على ثلاثة أميال من المدينة، وجرى العمل بذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وعمر ومن بعدهم.
وصرح علماؤنا ببطلان صلاة من صلى جمعة ثانية، بغير إذن الإمام وبغير حاجة داعية، وأوجبوا عليه الإعادة ظهراً; وقواعد الشريعة تدل على هذا، فالجماعة إنما شرعت للائتلاف والمودة والإعانة على ذكر الله، وتفقه أهل الإسلام بعضهم من بعض، وتحصيل الفضل بالكثرة، وإغاظة العدو بترك الفرقة. ودلت أصول الشرع أيضاً على تحريم ما أوجب الفرقة، واختلاف الكلمة والمشاقة، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [سورة آل عمران آية: 103] . وانفرادهم عن الجماعة بالسكنى في عقدة 1 أخرى، لا
__________
1 هي: المحلة المحاطة بسور يفصلها عن غيرها.

الصفحة 42