كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 5)

لأنهم أطلقوا القول في رواية المروذي وغيره. وسئل عن الجمعة في مسجدين؟ فقال: صلي; قيل له إلى أي شيء تذهب؟ قال إلى قول علي في العيد، أنه أمر أن يصلى بضعفة الناس; ذكره القاضي وغيره وحمله على الحاجة، وفيه نظر، لأنه احتج بعلي في العيد. وعلى هذا، فكلام العلماء صريح في جواز إقامة الجمعة في موضع آخر للحاجة، ومن الحاجة خوف العدو الخارج، والتحفظ على ثغور المسلمين عن الأمور التي يخشى ضررها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية، لما سئل عن صلاة الجمعة في جامع القلعة: هل هي جائزة، مع أن في البلد خطبة أخرى، مع وجود سورها وغلق أبوابها، أم لا؟
الجواب: نعم يجوز أن يصلى فيها الجمعة، لأنها مدينة أخرى، كمصر والقاهرة؛ ولو لم تكن كمدينة أخرى، فإقامة الجمعة في المدينة الكبيرة في موضعين للحاجة جائزة عند أكثر العلماء، ولهذا لما بنيت بغداد ولها جانبان، أقاموا فيها الجمعة في الجانب الشرقي، وجمعة في الجانب الغربي، وجوز ذلك أكثر العلماء - إلى أن قال - فلما تولى علي بن أبي طالب وصار بالكوفة، وكان الخلق بها كثيراً، قالوا: يا أمير المؤمنين، إن بالمدينة شيوخاً يشق عليهم الخروج إلى الصحراء، فاستخلف علي رضي الله عنه رجلاً يصلي بالناس

الصفحة 44