كتاب مفرج الكروب في أخبار بني أيوب (اسم الجزء: 5)

الزوايا، (¬1) وأوردتهم الرماح الشّرع مشارع الحتوف، وتفرّقت منهم الصفوف لمّا صلت (¬2) عليهم السيوف، وطلعت على الأسوار المنيفة من الأعلام الشريفة كل راية صفراء فاقع لونها تسر الناظرين. وأيد الله الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين. وأنهم لما عاينوا من حشد (¬3) السلطان وحده ما لا قبل لهم بمقابلته، وتحققوا عجزهم عن مقاومة أقل أمرائه ومقاتلته (¬4)، ورأوا أعلامهم تخفض خفضا، وأعلام السلطان وأحزابه ترفع رفعا، وأفكروا في صاحبهم فرأوا أنه لا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا، [لا ذوا بالأمان فدخلوا فيه آمنين والتزموا الطاعة (¬5)]، فذلت أعناقهم لها خاضعين. وأن مولانا السلطان - أعز الله أنصاره - آمن الرعايا وأجارها، ومنّ بكفّ كف (¬6) القتال، فوضعت الحرب أوزارها. وقد أخذ المملوك بخطه من هذه البشرى وإن عجز عن كنه مقدارها، وقابل هذه النعمة بالشكر لله وإن كان لا يقوم بعشر معشارها (¬7). وأمر فضربت البشارة على قلّة (¬8) القلعة وأرجاء المدينة، وحشر الناس ضحى لأنه كان في الحقيقة يوم الزينة، فالله سبحانه المسئول أن يعطى مولانا الحظ الأوفى والمحل الأعلى وهو القائل تعالى [171 ب] {وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنّا فَضْلاً} (¬9) وإليه الرغبة في أن يجعل هذا الفتح
¬_________
(¬1) في نسخة س «الزرايا» والصيغة المثبتة من نسخة م.
(¬2) في نسخة س «لما وصلت» والصيغة المثبتة من م.
(¬3) في نسخة م «جد» والصيغة المثبتة من نسخة س.
(¬4) في نسخة س «وتحققوا عجزهم عن مقاومته أقبل أمرائه ومقاتلته» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من م.
(¬5) ما بين الحاصرتين من نسخة م وفى س «لاذوا بالأمان طائعين ودخلوا في الطاعة».
(¬6) كذا في نسختى المخطوطة.
(¬7) في نسخة س «أعشارها» والصيغة المثبتة من نسخة م وهى أبلغ.
(¬8) ورد في لسان العرب، ج 14 ص 83 أن «قلة كل شىء رأسه والقلة أعلى الجبل».
(¬9) القرآن الكريم سورة سبأ آية 10.

الصفحة 22