كتاب مفرج الكروب في أخبار بني أيوب (اسم الجزء: 5)

إلا ثلاث سنين وشهورا ثم توفى، وملك ولدها الملك العزيز ثم توفى. وتصرفت تصرف السلاطين، وقامت بالملك أحسن قيام، لصغر ابن ابنها الملك الناصر.
وكانت مدة عمرها نحو تسع وخمسين سنة. وقامت بتدبير المملكة نحو ست سنين.

ذكر سيرتها رحمها الله
كانت عادلة في الرعية، كثيرة الإحسان والتحنن عليهم، والشفقة بهم.
أزالت المظالم والمكوس في جميع بلاد حلب، وكانت تؤثر الفقراء والزهاد والعلماء وأهل الدين، وتحمل إليهم الصلات الكثيرة. ولم تزل صدقاتها دارة وإحسانها واصلا إلى كل من يفد إلى بابها. وما قصدها أحد إلا رجع مجبرا مجبورا.

ذكر استقلال السلطان الملك الناصر صلاح الدين
يوسف بن الملك العزيز صاحب حلب بالسلطنة
ولما توفيت جدة الملك الناصر، أشهد على نفسه بالبلوغ، وكانت سنه يومئذ نحو ثلاث عشرة سنة. فأمر ونهى، وقطع ووصل. وجلس في دار العدل لكشف المظالم، وصار يجلس كل اثنين وخميس، والإشارة والرأى إلى الأمير جمال الدولة إقبال الخاتونى (¬1)، والوزير القاضى الأكرم جمال الدين بن القفطى (¬2). ثم أن الخوارزمية تجمعوا هم والتركمان، وعاثوا في الشرق. فخرج عسكر حلب ومقدمهم الأمير جمال
¬_________
(¬1) كذا في المتن وفى ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 266، وابن أيبك، الدر المطلوب ص 351، بينما ورد الاسم «جمال الدين إقبال الأسود الخصى الخاتونى» في بعض المصادر، انظر أبو الفدا، المختصر، ج 3، ص 171؛ المقريزى، السلوك، ج 1، ص 311؛ العينى، عقد الجمان، حوادث سنة 640 هـ‍.
(¬2) عن الوزير جمال الدين بن القفطى صاحب كتاب «إخبار العلماء بأخبار الحكماء» انظر ما سبق ابن واصل، ج 4، ص 312 وحاشية 6.

الصفحة 313