كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 5)

ما للصبي وما للملك يطلبه ... إن المراد من الصبيان معلوم
وعمل أعداؤه الى أن أوصلوا القصيدة الى السلطان، فكانت في سولفه يخرجها كل يوم، ويقرؤها، وأراد الصاحب فخر الدين بن الخليلي القبض عليه تقرّباً الى الملك الناصر، فلما أحسّ بذلك هرب هو الى السلطان، وجاء إليه وهو على غزة، حكى قاضي القضاة جلال الدين القزويني، قال: بينما أنا جالس عند السلطان بغزة فإذا بالأمير سيف الدين بكتمر الحاجب قد دخل، وقال: يا خوند صدر الدين بن الوكيل فقال: يحضر فلما دخل به بكتمر الحاجب قال له: بُس الأرض، فقال: مثلي ما يبوس الأرض إلا لله تعالى. فقال: فجمعت ثيابي لئلا تلحقني طراطيش دمه، لما نعلمه من أنفاس السلطان فيه، فقال له: والك، أنت فقيه تركب على البريد، وتروح من دمشق الى مصر لتدخل بين الملوك وتغير الدول وتهجوني؟ فقال: حاشى لله يا خوند، وإنما أعدائي وحسّادي نظموا ما أرادوا على لساني، ولكن هذا الذي قلته أنا، وأخرج قصيدة تجيء مئة بيت، وأنشدها في وزن تلك ورويّها، فأعجب السلطان وعفا عنه.
قال جلال الدين: ولما أصبحنا وسارت العساكر والجيوش والسلطان رايح والى جانبه صدر الدين بن الوكيل، فتعجبنا من ذلك، ولما عاد الى مصر، وطلبه من

الصفحة 10