كتاب يتيمة الدهر (اسم الجزء: 5)

(أَقرَأ على الوشل السَّلَام وَقل لَهُ ... كل المشارب مذ هجرت ذميم)
(سقيا لظلك بالْعَشي وبالضحى ... ولبرد مائك والمياه حميم)
مَا أحسبني مُنْذُ فَارَقت الشَّيْخ أدام الله عزه خلوت سَاعَة من تمثل شخصه والتلفت بأخادع الذّكر نَحْو كريم عَهده واستسقاء صوب الرّبيع المربع لأنيس ربعه وَالثنَاء على الدَّهْر الَّذِي وصل حبلي بحبله وَألف شملي بِمَجْمُوع شَمله
(وَإِن لم يكن إِلَّا معرج سَاعَة ... قَلِيلا فَإِنِّي نَافِع لي قليلها)
وليت شعري هَل يجول ذكري فِي ميدان فكره أم طواه طي الرِّدَاء فَلَيْسَ تهتز لنشره وَأَقْبل على بَث الأوطار الفساح بَين مُنَاجَاة الأوتار الفصاح ومناغاة الْوُجُوه الصَّباح وأرتشاف ثنايا الكؤوس إِذا تجلتها أَيدي السقاة جلوة الْعَرُوس وصلَة عرى الصبوح بعرى الغبوق والجري فِي ميدان اللَّهْو جري السَّابِق لَا الْمَسْبُوق واستغفر الله مِمَّا طاش بِهِ سنّ الْقَلَم وَأَعُوذ بِهِ أَن يسْخط لهَذِهِ الْكَلم وَإِلَيْهِ أَرغب فِي إمتاعي بخلته الَّتِي هِيَ من جلائل النعم وَلَا يسرني بهَا وَحقّ الْمجد حمر النعم وَهَذِه المخاطبة واصلة فِي صُحْبَة فلَان وَهُوَ من أقَارِب فلَان تجَاوز الله عَن الْمَاضِي وأدام الله عز الْبَاقِي وَلَا خفا بِهَذَا النّسَب الَّذِي نظم من الْكَرم عقودا وَكَانَ عَلَيْهِ من شمس الضُّحَى نورا وَمن فلق الصَّباح عمودا وَمَا أَشك فِي استغنائه عَن هَذَا الذّكر فقد عرف أَحْوَالهم أَيَّام اجتيازه بِالريِّ وَكَانَ هَذَا الشَّيْخ نَائِبا عَن أميرها ومنوطا بِهِ جَمِيع أمورها حَتَّى انحى عَلَيْهِ صرف الدَّهْر واضطره إِلَى مُفَارقَة المستقر وَقصد حَضْرَة تمنع بِهِ جَانِبه فَلَا يرام ويدرع ثوب الْعِزّ فَلَا يضام وَهَذِه صفة حَضْرَة الصاحب الْأَجَل فَإِنَّهَا الحضرة تخدمها الْأَيَّام كَمَا تخدمها السيوف والأقلام وَأَرْجُو أَن يحظى بِهَذَا الْقَصْد ويسعد بِسَاحَة الْمجد فالبحر يعم بفيضه الْخلق وَالربيع يمنح من شام برقه الودق وَهَذِه غرر من شعره فِي صباه نقلتها من خطه فَمِنْهَا قَوْله من قصيدة فِي مدح أَبِيه رَحمَه الله

الصفحة 167