كتاب يتيمة الدهر (اسم الجزء: 5)

110 - أَبُو الْقَاسِم عبد الصَّمد بن عَليّ الطَّبَرِيّ رَحمَه الله
ولد بنيسابور وَنَشَأ بهَا وتأدب فِيهَا مستظلا بِظِل الْكِفَايَة وَتخرج فَخرج مُنْقَطع القرين فِي أصُول الْأَدَب وفروعه وَالْجمع بَين ثماره ورياحينه وَإِضَافَة نثره الَّذِي هُوَ سحر الْبَيَان إِلَى نظمه الَّذِي هُوَ قطع الْجنان وخدع الزَّمَان على الحداثة من سنة والغضاضة من عوده وَهُوَ الْآن بالحضرة حرسها الله تَعَالَى فِي أَعْيَان كتاب الرسائل وَهَذِه فُصُول من نُسْخَة كتاب لَهُ يعرب عَن تقدم قدمه فِي الْكِتَابَة واتساع بَاعه فِي البلاغة كتبه إِلَى الأديب أبي عَليّ الْحُسَيْن المروروذي وَكَانَ خرج إِلَى جرجان بعد معاشرته إِيَّاه بنيسابور خرج الْأُسْتَاذ أدام الله عزه وَالْقلب بجناح الشوق نَحوه طَائِر إِلَّا وَهُوَ مَعَه سَائِر مثل صَاع الْعَزِيز فِي أرحل الْقَوْم وَلَا يعلمُونَ مَا فِي الرّحال استنشق نسيم سَلَامَته من كل وَاد واهدي إِلَيْهِ سلامي مَعَ كل رائح أَو غاد وَهَا أَنا مقصد بِسَهْم فِرَاقه موثق فِي قيد اشتياقه فالسلام على الْعَيْش حَتَّى أرَاهُ وَلَا مرْحَبًا بِالْحَيَاةِ أَو أَحْيَا بمحياه وَسَقَى الله أيامنا فِي ظله واستسعادنا بِقُرْبِهِ وانتهازنا فرص اللَّذَّة بِهِ إِذْ الْعَيْش غض وَالزَّمَان غُلَام ولقاؤه برد على أكبادنا وَسَلام أذكرهُ الله متنزهنا بآخرة وَالسَّمَاء زرقاء اللبَاس وَالشمَال ندية الأنفاس وَالرَّوْض مخضل الْإِزَار والغيم منحل الأزرار وَكَأن السَّمَاء تجلو عروسا وكأنا من قطرها فِي نثار والربى أرجة الأرجاء شاكرة صَنِيع الأنداء ذهب حَيْثُمَا ذَهَبْنَا ورد حَيْثُ درنا وَفِضة بالفضاء وَالْجِبَال قد تركت نَوَاصِيهَا الثلوج شيبا والصحارى قد لبست من نسج الرّبيع بردا قشيبا وَلَا ربع إِلَّا وللأنس فِيهِ مربع وَلَا جزع إِلَّا وَفِيه للعاشق مجزع والكؤوس تَدور بَيْننَا بالرحيق والأباريق تنهل مثل ذوب العقيق وتفتر عَن فار الْمسك وخد الشَّقِيق والجيوب تستغيث من أكف العشاق وسقيط الطل يعبث بالأغصان عَبث الدل بالغصون الرشاق والدن يجرح بالمبزال فتل الصايغ طوق الخلخال

الصفحة 189