كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 5)

ويخلف داود أخوه مكثر سنة 584 ثم ابن أخيه المنصور بن داود. ومنه انتزع مكة قتادة الحسنى سنة 597 وظلت إمارتها فى أبنائه إلى العصر الحديث.
وقد استطاع قتادة أن يضم تحت جناح إمارته المدينة والحجاز جميعه، وكان يخطب للسلطان العادل بن أيوب بعد الخليفة الناصر، وللكامل بن العادل سلطان مصر بعد أبيه، وكان يؤذن فى الحرم بحىّ على خير العمل على قاعدة الإسماعيلية كما يقول صاحب النجوم الزاهرة، وأيضا على قاعدة الزيدية من آبائه. وخلفه ابنه الحسن سنة 617 ونشبت الحرب بينه وبين مسعود الأيوبى أمير اليمن سنة 620 واستولى منه مسعود على مكة والحجاز، وولّى عليهما على بن رسول ثم طغتكين التركى. وعادت مكة إلى بنى قتادة، ووليها راجح ابن قتادة سنة 626 وظلت تتنقل بينه وبين أخيه على وجماز ابن أخيه الحسن ثم ابنه راجح حتى سنة 652. وفى كل هذه الفترة كان أمراء مكة يولّون من قبل العباسيين حتى انقراض دولتهم سنة 656. وكانت مصر بعد ذلك فى عهد السلاطين المماليك هى التى توليهم، وكانوا يعيّنون بجانبهم حكاما لحماية الحجاج وتنفيذ الأوامر السلطانية. ومن أهم أمراء الأسرة أبو نمىّ الأول الذى ولى مكة سنة 652 وثبّته عليها السلطان بيبرس، وظل يلى شئونها خمسين عاما، ويقول صاحب النجوم الزاهرة: كان يقال لولا أنه زيدى النحلة لصلح للخلافة لحسن صفاته. وروى له الفاسى بترجمته فى كتابه العقد الثمين يمينا أقسمه للسلطان قلاوون صاحب مصر أشبه بعهد موثّق: أن يحمى الحجاج ويؤمّنهم، وأن يظل على طاعته وطاعة ابنه الصالح. وكان شاعرا جوادا، ومدحه شعراء كثيرون فى مقدمتهم الحنديدى.
ويخلفه فى سنة 701 ولداه: رميثة وعطيفة، ويرسل السلطان الناصر بن قلاوون إلى مكة فى سنة 702 عشرة آلاف أردب قمحا تفرّق فى أهلها. ويستقل رميثة بمكة سنة 715 ويقبض عليه فى سنة 718 ويرسل إلى مصر، ويتولاّها أخوه حميضة. وتردّ مكة إلى رميثة. ويبلغ الناصر فى سنة 731 أنه يجهر بمذهب الزيدية، فينكر ذلك عليه، ويرسل إليه عسكرا. ويحج السلطان سنة 732 ويأمر بأن يشترك معه أخوه عطيفة فى الإمارة، حتى إذا كانت سنة 738 انفرد بها ثانية رميثة حتى سنة 744 إذ ترك الإمارة لولديه: ثقبة وعجلان. ويتوفى سنة 746 ويتأمّر الأخوان على مكة، ويجعلها المصريون لعجلان إذ كان ثقبة يعلن نصرته لمذهب الزيدية وأقام له خطيبا زيديا يخطب الناس أيام الحج، وقبض عليه المصريون ولكنه فر من سجنهم، وعاد إلى شغبه مع أخيه عجلان حتى توفى سنة 762 فخلص الأمر لعجلان. وكان بخلاف آبائه يحب أهل السنة، وينصرهم على الشيعة الزيدية وغيرهم، وكانت مصر ترسل إليه بالميرة وبالمحمل على العادة. وكان

الصفحة 14