كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 5)

ممدّحا، مدحه النّشو شاعر مكة وغيره، وأشرك معه ابنه أحمد فى الحكم، وما زال يلى الإمارة حتى توفى سنة 777 وخلفه ابنه أحمد حتى توفى سنة 788. ووليها بعده أخوه على وشركه فى الإمرة أخوه مغامس لمدة سنتين، وما زال عليها حتى توفى سنة 797 فخلفه أخوه الحسن حتى وفاته سنة 829. ويتولاها بعده ابنه بركات حتى سنة 859 ويخلفه ابنه محمد حتى سنة 903 فتصير لابنه بركات، وأهم منه ابنه أبو نمىّ الثانى الذى سافر إلى مصر عقب استيلاء السلطان العثمانى سليم الأول عليها سنة 922 ليعلن تسليم الحرمين إليه.
وكانت إمارة مكة فى العهد العثمانى تتبع ولاية مصر والخلافة العثمانية، ووليتها ثلاث أسر من أبناء نمىّ: أسرة بركات، ثم أسرة زيد، ثم أسرة عون. وظلت الولاية فى الأسرة الأولى أكثر من مائة عام، ثم نافستها أسرة زيد فى القرن الحادى عشر وظلت الإمارة تنتقل من بركاتى إلى زيدى حتى استقل بها بنو زيد، وظلوا يلونها إلى زمن فتح محمد على للحجاز فى عام 1227 هـ‍/1812 م ويعين إبراهيم باشا قائد الجيش المصرى الشريف محمد بن عون عليه. وبذلك تنتقل الإمارة والحكم فيه إلى الأسرة الثالثة من أبناء أبى نمىّ، ونقصد أسرة عون. وحين انسحب جيش محمد على من الحجاز سنة 1840 عينت الدولة العثمانية عليه واليا لها، واستبقت الشريف محمد بن عون، فكانت السلطة ثنائية بينه وبين الوالى العثمانى، حتى وفاته سنة 1274 هـ‍/1857 م. وما زالت الإمارة فى أبنائه حتى استخلصها سعود الثانى من حسين بن على آخرهم لا فى هذا العصر، وإنما فى العصر الحديث.
وكانت إمارة المدينة أقل شأنا من إمارة مكة، وكانت الرياسة فيها لبنى المهنّا أحفاد الحسين، ويروى أن أحدهم وهو الحسن بن طاهر رحل إلى الإخشيد بمصر، فأكرمه وأقطعه ما يغلّ كل سنة مائة ألف دينار، وتوفى سنة 329 وانعقدت مودة وثيقة بين ابنه مسلم وكافور، ويقال إن مسلما كان يدعو للمعز صاحب إفريقية وفى هذا ما يشير إلى أن هذه الأسرة كانت إسماعيلية الهوى، ويقال أيضا إنه دخل مصر فطلب منه كافور ابنته لأحد أبنائه، فردّه، فحنق عليه ونكبه، وهرب ابنه طاهر إلى المدينة، فأمّره الحسينيون هناك عليهم، واستقلّ بها حتى سنة 381 وخلفه عليها ابنه الحسن، واختلف المؤرخون هل الأمراء بعده من سلالته أو هم من سلالة ابن عمه داود بن القاسم الذى يقال إنه وليها بعده. ويذكر بعض المؤرخين أن الحاكم بأمر الله الفاطمى أمر الحسن بن جعفر السليمانى أمير مكة بالإغارة على المدينة سنة 390 فأغار عليها وأزال عنها إمارة بنى المهنا، غير أنها لم تلبث أن عادت إليهم، وظلت فى أيديهم إلا فترات قليلة كانت تتبع فيها إمارة مكة.

الصفحة 15