كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 5)

الخوارج (554 - 569 هـ‍) ومنهم أخذها الأيوبيون وخلفهم عليها وعلى اليمن دولة آل رسول. ولصنعاء دولها هى الأخرى وأولها بنو يعفر (252 - 393 هـ‍) وتلتها دولة الصّليحيين الإسماعيليين (439 - 532 هـ‍). ثم دولة الهمدانيين (492 - 569 هـ‍). وفى صعدة مستقر الزيدية دولة الرّسيين منذ سنة 288 ونازعهم عليها أبناء عمومتهم بنو سليمان منذ طردهم الهواشم بمكة ونزلوا المخلاف السليمانى سنة 450 وقد أزال على بن مهدى دولتهم منه. ثم عادوا إليه، وقد ظل أئمة الرسيين يتوالون واحدا بعد الآخر حتى العصر الحديث. وفى عدن دولة بنى زريع الإسماعيلية (467 - 569 هـ‍). ومنهم أخذها الأيوبيون كما أخذوا صنعاء وصعدة عاصمة الرسيين. ونحن نسوق الحديث عن هذه الدول، ثم ننتقل منها إلى الحديث عن الأيوبيين والرسوليين وبنى طاهر والعصر العثمانى ومقاومة الرسيين فى صعدة للعثمانيين، حتى استخلصوا منهم البلاد.
ونبدأ بدول زبيد قبل الفتح الأيوبى، وأولها دولة بنى زياد، ومؤسسها محمد بن زياد من نسل عبيد الله بن زياد حاكم العراق بعد وفاة أبيه زياد، ولاه المأمون على اليمن سنة 203 للهجرة فاستولى على تهامة وحضرموت، ومن أهم أمراء هذه الدولة أبو الجيش إسحق بن إبراهيم (291 - 317 هـ‍). وفى عهده استولى القرامطة على زبيد سنة 303 ثم تركوها. ودانت له اليمن: عدن وصنعاء وحكامها بنو يعفر وصعدة وحكامها الرسيّون واتسعت جبايته حتى بلغت مليونين وثلثمائة وستة وستين ألفا من الدنانير، سوى ما كان يجبيه من مراكب السند ومن العنبر المجلوب إلى عدن وباب المندب ومن الغوص على اللؤلؤ ومن جزيرة دهلك. وما زال الحكم فى أسرته حتى تشاجر حجبتهم على الحكم، وتغلب عليهم نجاح الحبشى سنة 412 وأسس دولة بنى نجاح، وما زال يحكمها حتى دسّ له بعض أنصار على بن الصّليحى صاحب صنعاء السم ففتك به سنة 452 واستولى الصليحى على زبيد، غير أن أبناء نجاح فروا إلى دهلك، وأخذوا يحاولون استردادها واستطاعوا أن يغتالوا الصليحى فى طريقه إلى الحج سنة 459 واستطاع جياش بن نجاح أن يستعيد زبيد من الصليحيين نهائيا سنة 479 وكان شاعرا وكاتبا بليغا، وصنّف المفيد فى أخبار زبيد، وبعث هو وأسرته ووزراؤهم نهضة فى زبيد أدبية وعلمية، ومن وزرائهم منّ الله الفاتكى وسرور وكانا ممدّحين عاليى الهمة. وتوارث أبناء جياش الحكم حتى سنة 554 إذ ملكها بنو مهدى وزال ملك بنى نجاح. وقد نشأ مؤسس دولة بنى مهدى-وهو على بن مهدى الحميرى-فى سواحل زبيد على النسك والدين، ولما شبّ أخذ فى الوعظ فأحبه الناس والتفوا حوله، وفكر فى إقامة دولة لنفسه فاستولى على زبيد وتسمى الإمام المهدى أمير

الصفحة 22