كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 5)

عليها حتى تسلمها منهم توران شاه الأيوبى. وظل نجم الملكة الحرة يزداد أفولا والدولة الصليحية تتفكك أوصالها، حتى لم يبق لها إلا بعض حصون قليلة. وقد خرجت أكثر الحصون فى الجنوب إلى بنى زريع أصحاب عدن. وتوفيت الملكة الحرة سنة 532 وبوفاتها انتهت الدولة الصليحية الإسماعيلية.
وحرى بنا أن نسوق الحديث إلى دولة الرّسّيين الزيدية بصعدة فى اليمن، ومؤسسها هناك الهادى إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم المولود بجبل الرّسّ بالقرب من المدينة المنورة سنة 245 فى زمن جده القاسم الإمام الزيدى المعروف بمؤلفاته فى المذهب الزيدى وفى الفقه. وقد خرج من موطنه إلى اليمن فى سنة 284 واستولى على صعدة وأسس بها إمامة الزيدية باليمن، وتوفى سنة 298 فخلفه ابنه محمد ثم أخوه أحمد، فالإمام الهادى إلى الحق وهو المؤسس الحقيقى للدولة. وما تزال تلك الأسرة تتوارث الإمامة حتى يفد عليها أبو الفتح الديلمى سنة 437 فيستخلص الإمارة لنفسه حتى وفاته، ويخلفه عليها بنو سليمان أصحاب المخلاف السليمانى الزيديون وينسحب الرسيون إلى جبل قطابة، وتتوالى أئمتهم هناك. وتتطور الظروف ويعود الرسيون إلى صعدة، وتدخل صنعاء فى حوزتهم مرارا. ومن أشهر أئمتهم المتوكل على الله (532 - 566 هـ‍). وكان شاعرا محسنا، وله مكاتبات شعرية مع نشوان بن سعيد الحميرى. ومن أئمتهم فى العهد الأيوبى الإمام المنصور بالله المتوفى سنة 614. ومن مشهوريهم فى عهد الدولة الرسولية الحسن ابن وهّاس، والموطئ الرسى الذى بويع بالإمامة سنة 645 وكان قواما صواما عالما فقيها، وظل الحكم بعده فى أبنائه وتتوالى أئمتهم فى عهد الدولتين: الرسولية والطاهرية، وسنعود إليهم بعد استيلاء العثمانيين على اليمن عقب فتحهم لمصر.
أما عدن فكانت قديما دارا لبنى معن بن زائدة منذ ولايته عليها فى عهد المأمون، وقد امتنعوا على بنى زياد أصحاب زبيد، ولما استولى عليها الصّليحى داعية الفاطميين قنع منهم بإتاوة يؤدونها، ثم عزلهم عنها ابنه المكرم، وجعلها للهمدانيين، ولم يلبث فرع منهم هو فرع بنى زريع أن استخلصها لنفسه، وكانوا إسماعيلية، ومن أهم أمرائهم محمد بن سبأ (533 - 550 هـ‍). وكان يتلقب بالداعى المعظم المتوج سيف أمير المؤمنين، وقد اشترى حصن جبلة من الصليحيين، وخلفه ابنه عمران ممدوح أبى بكر العيذى (550 - 565 هـ‍). وكان يدبر دولته ودولة ابنيه ياسر بن بلال ممدوح ابن قلاقس الشاعر المصرى وغيره من الشعراء. وحين قدم توران شاه إلى اليمن قبض عليه وانقطعت دولة بنى زريع. ويقال إن إيرادات عدن كانت مائة ألف دينار وارتفعت فى عهد الأيوبيين إلى

الصفحة 24