كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 5)

ستمائة ألف. وحين فتح اليمن توران شاه الأيوبى سنة 569 أقام لنفسه فيها نوابا فى مدنها وحصونها، وعادت إلى أحسن أحوالها من الخصب والعمارة والأمن، غير أن الحكم فيها لم ينتظم تماما لصلاح الدين إلا بعد أن أرسل إليها أخاه سيف الإسلام طغتكين، فأقام بها منذ سنة 578 ودخل كما مر بنا سنة 582 مكة ومنع من الأذان فيها بحىّ على خير العمل» وهو أذان الزيدية والإسماعيلية وغيرهما من الشيعة، وتوفى سنة 593 وخلفه على اليمن ابنه إسماعيل وأساء السيرة فقتل سنة 598 ووليها بعده ابن عمه سليمان، وظلم الناس، فولى السلطان الكامل صاحب مصر عليها ابنه الملك المسعود سنة 612 وأناب عنه فى بعض رحلاته إلى مصر نور الدين عمر بن على بن رسول أحد قواده، فمكّن لنفسه فيها، ولم يلبث أن استقل بها سنة 626 للهجرة.
وتظل اليمن فى قبضة الدولة الرسولية حتى سنة 858 وقد اتخذ نور الدين تعزّ بالقرب من إقليم عدن عاصمة له وتلقب بالملك المنصور واعترف به الخليفة العباسى سنة 632 للهجرة وامتدت مملكته من مكة إلى حضرموت. وكانت الحرب كثيرا ما تنشب بين الرسوليين وبين الأئمة فى صعدة. وقتله مماليكه سنة 647 وخلفه ابنه الملك المظفر يوسف وهو صاحب جامع المظفرية بتعزّ، وبنى جوامع ومدارس كثيرة فى مدن اليمن، وفتح ظفار فى أقصى بلاد حضرموت ونشبت بينه وبين أئمة اليمن حروب كثيرة، وتوفى سنة 694 فخلفه الملك الأشرف لمدة عامين فالملك المؤيد حتى سنة 721 وكانت له مشاركة حسنة فى العلوم والفنون، فالملك المجاهد حتى سنة 764 فالملك الأفضل ابنه حتى سنة 778 فالملك الأشرف حتى سنة 803 وله ألف الخزرجى كتابه العقود اللؤلؤية، ويصف حفل ختان أبنائه وصفا رائعا. وتضعف الدولة بعده وتأخذ فى التدهور، وينتهز بنو طاهر ولاتهم وأمناؤهم فى عدن وغيرها الفرصة، ويؤسسون دولتهم.
وقد اتخذ بنو طاهر «زبيد» حاضرة لهم، وأول أمرائهم عامر بن طاهر الذى استولى على عدن سنة 858 وتلقب بالملك الظافر وتوفى سنة 870 فخلفه أخوه الملك المجاهد إلى وفاته سنة 883 وولى بعده الملك المنصور حتى سنة 894 وخلفه الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب وقد استولى على صنعاء سنة 910 ولا نصل إلى سنة 921 حتى يستولى البرتغاليون على جزيرة كمران فى البحر الأحمر، وحينئذ يرسل قانصوه الغورى صاحب مصر حملة لمطاردة البرتغاليين ويطردون من الجزيرة وتنزل الحملة اليمن وتستولى على زبيد وتعز وتقضى على دولة بنى طاهر
وتدخل اليمن فى حوزة الدولة العثمانية، وتنشب مناوشات كثيرة بين الأمراء أو الأئمة

الصفحة 25