كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 5)

أن يتنفسوا هناك وكانت النحلة الغالبة فى حضرموت نحلة الخوارج ولذلك كان أهلها دائما يثورون ثورات متعاقبة. ونزلها القرامطة فى أوائل القرن الرابع الهجرى مدة ثم تركوها، ويلمع بها فى القرن الخامس أبو إسحق الحضرمى الخارجى، وقد ساعده الخليل بن شاذان إمام الخوارج فى عمان على أن يستقل بها بعد حروب دامية، واستطاع أن يردّ الصليحى عن حضرموت وهو يعد أول زعيم منها ولى شئونها واستقل بها. والشخصية الثانية بعده شخصية عبد الله بن راشد بن أبى قحطان الكندى المولود بتريم سنة 553 وقد حكمها وسنّه دون الثلاثين، واهتم بالعلم والعلماء. ولما فتح صلاح الدين اليمن وولى على عدن عثمان الزنجيلى فتح حضرموت وأخذ معه عبد الله، غير أن العام لم يدر حتى عاد إلى دياره، وتمر سنوات ويعود ثانية إلى تريم ويستولى من آل النعمان على شبام، وتمضى البلاد فى أمن حتى يغزوها عمر بن مهدى اليمنى بجيش أيوبى سنة 614 ويتمكن من الاستيلاء عليها جميعا:
على الشّحر وشبام وتريم، ويقتل سنة 622 وينتهى بذلك عهد الأيوبيين فى حضرموت، وتخلفهم دولة الرسوليين، فيعملون على أن تظل حضرموت تابعة لهم، وكان يليها بعض أبنائها نوابا عنهم. وحين دانت ظفار شرقى حضرموت لسالم بن إدريس الحبوظى استولى بجموعه على حضرموت سنة 673 غير أن الرسوليين قضوا عليه. ولا يزال شيوخ القبائل فى البلاد وفى مقدمتهم بنو راشد وبنو نهد يتناحرون على حكم المدن، ويشتهر آل باكثير باستيلائهم على الشّحر سنة 786 وتكون الغلبة لهم فى كثير من البلاد. وكان ينافسهم آل بادجانة وآل باوزير والكنديين ولكن آل باكثير ظفروا بهم وبغيرهم من العشائر أو قل ظهروا عليهم. وخلف الرسوليين بنو طاهر على اليمن، وكانت حضرموت تستشعر الولاء لهم، وقد ردوا عن الشحر محمد بن سعيد بن فارس المهدى سنة 867 وعهدوا بها إلى آل باكثير، واشتهر من بينهم بوطويرق المولود سنة 902 وقد استولى على شبام سنة 926 واحتل تريم سنة 927 واتخذها مركزا لدولته وكان يجزل العطايا للعلماء والشعراء. واستولى العثمانيون على اليمن سنة 945 ويعترف لهم بوطويرق بالطاعة سنة 970 غير أن ابنه عبد الله رفض حكم الترك واستقل ببلاده، وخلفه أخوه عمر وكان نصيره ومعاونه وكاتبه الشاعر الكبير عبد الصمد بن عبد الله باكثير. ويتولى ابنه عبد الله شئون حضرموت حتى سنة 1024 ويخلفه أخوه بدر ويظهر ولاءه للزيدية وأئمتهم بصنعاء وينشب خلاف بينه وبين ابن أخيه بدر بن عبد الله بسبب ذلك، ويقبض عليه ويعتقل، فيغضب الإمام الزيدى المتوكل على الله إسماعيل، ويرسل فى سنة 1069 جيشا إلى حضرموت يستولى عليها، ويسلمها إلى بدر بن عمر ويظل يليها حتى وفاته سنة 1073 ويتولاها ابنه محمد.

الصفحة 27