كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 5)

نفرا من أعيانها هم بنوم مكرم وكانوا شيعة إمامية يسيرون إلى بغداد ويتفقون مع البويهيين على أن يغزوها معهم بالسفن من الخليج العربى. ويملكونها فعلا فى عصر بهاء الدولة سنة 390 وقد اختار منهم أبا محمد بن مكرم، واستطاع أن يطرد الخوارج إلى جبالهم فى نزوى وحولها، ويخطب لبنى العباس. وظل الإباضية فى عهد بنى مكرم يولون عليهم أئمة منهم، ومن أهمهم الخليل ابن شاذان ومر ذكره فى حضرموت وأنه أعان أبا إسحق الحضرمى على غزوها والاستيلاء عليها. وتوارث بنو مكرم ملك عمان، ومن أهم أمرائهم ناصر الدولة على بن الحسين بن مكرم، وكان جوادا ممدحا، ومدحه مهيار الديلمى وغيره وتوفى سنة 428 بعد استئثاره بالإمارة مدة طويلة.
وفى سنة 442 ضعف ملك بنى مكرم وتغلب عليهم النساء والعبيد، فزحف إليها الخوارج من نزوى وملكوها بقيادة إمامهم راشد بن سعيد، وله حروب مع قبيلتى نهد وعقيل سحقهما فيها، وامتدحه بذلك أبو إسحق الحضرمى منوها ببسالته وبطولة جنوده.
ومن أهم هؤلاء الأئمة من الخوارج الذين حكموا عمان حفص بن راشد الذى تملكها بعد أبيه وتظل فى أيدى خلفائه.
وفى القرن السادس الهجرى تملك عمان من أيدى الإباضية بنو نبهان سنة 579 هـ‍/ 1183 م وهم عشيرة من العتيك من الأزد استولوا عليها بعد شيوع الفوضى فيها، وكانوا سنيين، وظل حكمهم فيها طويلا حتى نهاية القرن التاسع، وقد غزا الفرس عمان فى عهد أميرهم كهلان سنة 650 وعادوا إلى غزوها فى عهد عمر بن نبهان سنة 674 ولكنهم عادوا فى الغزوتين مدحورين، كما يصور ذلك شاعر النبهانيين أحمد بن سعيد الستالى الخروصى، ويشنّ المؤرخ نور الدين السالمى حملة على هذه الدولة النبهانية قائلا كانت دولة بنى نبهان مبنية على الاستبداد بالأمر وقهر الناس ولم نجد لدولتهم تاريخا ولا لملوكهم ذكرا اللهم إلا ما ذكره شاعرهم أبو بكر أحمد بن سعيد الستالى. وقد زار ابن بطوطة عمان فى عهدهم سنة 725 وقال عنها إنها خصبة، وأشاد بأميرها النبهانى وحسن ضيافته ثم ذكر نزوى عاصمة الخوارج، وقال إنهم أهل نجدة وشجاعة. ومن أئمة الإباضية المهمين فى القرن التاسع عمر بن الخطاب بن شاذان الذى بويع له بالإمامة سنة 885 وقد نازل سليمان بن سليمان النبهانى أمير عمان، وهزمه واضطره أن يفر إلى هرمز وتوفى عمر، فعاد سليمان ونازل الإمام التالى للخوارج أبا الحسن بن عبد السلام، وباء بهزيمة منكرة، فرحل ثانية إلى هرمز، وتوفى أبو الحسن فاسترد سلطانه، ونازل خليفته الإمام الإباضى

الصفحة 29