كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 5)

وتولى أمر القرامطة بعده ستة نفر، وأخذت دولتهم فى الاضمحلال. ولا نصل إلى سنة 378 حتى يجمع شخص يسمى الأحيفر من بنى المنتفق بن عامر بن عقيل جمعا كبيرا، وينازل به القرامطة، ويستولى منهم على القطيف، ولا تقوم لهم بعد ذلك قائمة.
وعمّت الفوضى فى البحرين إلى أن غلب عليها نهائيا الأصفر بن أبى الحسن الثعلبى سنة 398 وكان يخطب للطائع العباسى، واستقرت الدولة له. واختلفت فى أيامه قبيلة بنو ثعلب مع بنى عقيل، فأخرجوهم من ديارهم إلى العراق، وطالت أيام الأصفر، واتسع به طموحه، فحاول التغلب على الجزيرة والموصل، ونازله بنو عقيل هناك سنة 438 وعاد إلى البحرين ووافاه أجله. وبقى الملك فى البحرين بعده متوارثا فى بنيه إلى أن ضعفوا وتلاشوا.
وتخلفهم دولة بنى العيونى بزعامة مؤسسها عبد الله بن على. إذ استطاع الاستيلاء على البحرين بمساعدة ملكشاه السلجوقى سنة 466 وقد جعل همه القضاء على البقية الباقية من دعوة القرامطة، وكان لا يزال لها فى البحرين أتباع كثيرون. وتوفى سنة 500 للهجرة، فخلفه ابنه الفضل إلى سنة 507 ووليها بعده ابنه محمد المكنى بأبى سنان حتى مقتله سنة 525 وكان ذلك فاتحة عهد سيئ من المنازعات بين أبناء الأسرة. ووليها بعده ابنه أبو فراس غرير، وولى الأحساء فى أيامه عمه عبد الله بن على وولى ابنه أبو الحسن القطيف. والمصدر الوحيد لتاريخ هذه الأسرة ديوان ابن المقرب الذى يقدم لنا تفاصيل كثيرة عن ولاة البحرين العامّين من العيونيين وولاة مدنها المختلفين. ويختلط بعضهم ببعض فى الديوان، ومن أهمهم محمد بن أبى الحسين الذى تولى زمام الأمور فى البحرين سنة 584 وقد استطاع أن يفرض نفوذه على قبائل نجد مما جعل الخليفة الناصر (575 - 622 هـ‍) يعهد إليه بخفارة الحاج من بغداد إلى مكة ذهابا وإيابا وفرض له نظير ذلك ألفا وخمسمائة حمل حنطة وشعير وأرز وتمر وألفا ومائتى ثوب أكثرها من الإبريسم. وسمع فى سنة 598 بأن بعض عشائر من طيئ تتجمع فى طريق مكة لقطع الطريق على الحجاج، فنكل بهم تنكيلا شديدا. وجمعوا له جموعا كثيرة ولكنه أنزل بهم هزيمة ساحقة، مما جعل جميع قبائل نجد تدين له بالولاء كما جعل الأمن يعم الجزيرة. ويغتال سنة 603 ويخلفه غرير بن الحسن بن شكر، ويسلبه الإمارة الفضل بن محمد بن أبى الحسين ويفتك به ثأرا لأبيه. وتكثر الخلافات والحروب بين أبناء الأسرة، وتأخذ فى الضعف تدريجا، ويستولى أبو بكر بن سعيد أحد ملوك فارس على جزيرة أوال (البحرين الحالية) سنة 633 ويكون ذلك إيذانا بانتهاء دولة العيونيين.

الصفحة 32