كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 5)

ابن سكّرة، وابن الحجاج، بينما يتغنى للشعب ومشاعره الدينية شعراء الزهد والتصوف والمدائح النبوية من أمثال ابن السراج البغدادى، والمرتضى الشّهرزورىّ، والصّرصرىّ.
ويلقانا أصحاب الشعر الفلسفى والتعليمى من أمثال ابن الشّبل البغدادى وابن الهبّارية، كما يلقانا شعر شعبى عامى كثير وقفنا عند فنونه، وأيضا شعراء شعبيون من أمثال أبى الأحنف العكبرى.
ويتنوع النثر فى العصر، فكان هناك النثر الفلسفى والنثر العلمى والمناظرات وخطابة الوعظ والقصص وكتب الأدب التهذيبى والرسائل الشخصية. وتكثر الكتابات الديوانية ونلتقى بأبى إسحاق الصابئ والعلاء بن الموصلايا وضياء الدين بن الأثير. ويلقانا من أعلام النثر أبو حيان التوحيدى بأسلوبه المتموج بطرائف الفكر، وابن مسكويه بنظرياته الأخلاقية الملتحم فيها الفكر الأجنبى بالفكر الإسلامى العربى مع حسن الأداء، والحريرى بمقاماته الرائعة التى خلبت ألباب معاصريه وخالفيه حتى العصر الحديث.
3
وفى القسم الثالث من هذا الجزء تحدثنا عن إيران، وبدأنا حديثنا ببيان الدول المتقابلة بها، وهى الدولة السامانية، والدولة البويهية، والدولة الزيارية، والدولة الغزنوية، ثم تحدثنا عن الدول التى تعاقبت عليها منذ أواسط القرن الخامس الهجرى، وهى دولة السلاجقة، والدولة الخوارزمية، والدولة التتارية الإيلخانية، والدولة التيمورية، والدولة الصفوية، وما تلاها من الدول. وكان مجتمع إيران يتكون من ثلاث طبقات:
طبقة أرستقراطية مترفة، وطبقة متوسطة تعيش فى غير قليل من اليسار، وطبقة دنيا هى طبقة العامة. ونشط الشيعة فى نشر عقيدتهم، وفى مقدمتهم الزيدية الذين أقاموا لهم فى القرن الثالث دولة فى طبرستان غير أنها لم تمكث طويلا. ومنذ قبض البويهيون على زمام الأمور بإيران نشط الإماميون فى نشر عقيدتهم، وما زالوا ناشطين حتى تولى الصفويون مقاليد الحكم فى أواخر القرن التاسع الهجرى فجعلوا المذهب الإمامى المذهب الرسمى لإيران.
وكان نشاط الإسماعيليين كبيرا طوال القرنين الخامس والسادس الهجريين إلى أن قضى عليهم التتار نهائيا فى منتصف القرن السابع الهجرى. وكانت تعم فى إيران موجة زهد وتصوف، وحدث انفصام بين الصوفية والفقهاء، وسرعان ما رأب الصدع أبو نصر السراج، والقشيرى، والغزالى.

الصفحة 678