كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 5)
فى هذا العصر، وهى الحجاز ونجد واليمن وحضرموت وظفار وعمان والبحرين، وعرضنا مجتمعها البدوى والحضرى وما كان فيها من نحل شيعية وخارجية وما شاع فى نجد من الدعوة الوهابية، وما حفّ بذلك من زهد ونسك. وصوّرنا جداول الثقافة التى كانت تجرى فى كل مكان وما رافقها من نشاط العلوم اللغوية والإسلامية. كما صوّرنا نشاط العشر فى الأقاليم المختلفة للجزيرة وطوائفه المتقابلة من شعراء مديح ورثاء وفخر وهجاء وأهم شعراء الدعوات المختلفة من إسماعيليين وزيديين وخوارج ووهابيين، وبالمثل شعراء الزهد والتصوف والمدائح النبوية. وأوضحنا ما كان من نشاط للكتابة فى نجد وغيرها من أقاليم الجزيرة وما كان من نمو كتابة الرسائل الديوانية والشخصية، ونمو الوعظ والمحاورات والرسائل الأدبية.
وبالمثل تحدثنا عن العراق وحياتها السياسية وما تعاقب عليها من دول وكيف أن مجتمعها كان يتألف من ثلاث طبقات: عليا مترفة، ووسطى على شئ من اليسار، ودنيا بائسة، وشيوع المذهب الإمامى الاثنى عشرى بها وشيوع الزهد والتصوف وطرقه، وما كان من نشاط الحركة العلمية بها وتأسيس جامعتى النظامية والمستنصرية ببغداد، وكثرة المدارس هناك مع ما كان فى المساجد من نشاط علمى واسع، بحيث أصبحت الثقافة-حتى الثقافة الفلسفية-غذاء شعبيّا عامّا. وتتكاثر ببغداد الندوات الفكرية، وتتكاثر الكتابات الفلسفية والطبية والعلمية، كما تتكاثر البحوث اللغوية والنحوية والنقدية، وتنشط الدراسات الإسلامية والتاريخية. ويكثر الشعراء فى العراق كثرة مفرطة وينظمون فى الرباعيات والموشحات. وتتقابل طوائفهم من شعراء مديح على رأسهم المتنبى إلى شعراء رثاء وهجاء وشكوى، وشعراء غزل وقد نفذوا إلى ضرب جديد من الشعر الوجدانى.
وبجانبهم شعراء لهو ومجون، وشعراء زهد وتصوف ومدائح نبوية، وشعراء فلسفة وشعر تعليمى، وشعراء شعبيون. ويتنوع النثر تنوعا واسعا، فمن نثر فلسفى إلى نثر علمى ومناظرات ووعظ وقصص ورسائل شخصية وديوانية، وتتألق أسماء طائفة من الكتاب النابهين.
وتحدثنا عن إيران وأحوالها السياسية والدول المتقابلة بها والمتعاقبة، وعن مجتمعها والطبقات التى كانت تكوّنه: العليا والوسطى والدنيا، وعن نشاط الشيعة بها: الزيدية والإمامية والإسماعيلية وما كان يسرى فيها من زهد وتصوف. وعرضنا الحركة العلمية بها والعناية بالمدارس والمكتبات وما حدث هناك من نشاط فى دراسة الفلسفة وعلوم الأوائل، وفى وضع المعاجم والبحوث اللغوية والنحوية والبلاغية والنقدية، وفى الدراسات
الصفحة 7
684