الطلاب والطالبات بالحرم المكى، ويقال إن أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن الشّعرية خاتمة الرواة عن الزمخشرى وإن لها منه إجازة تفردت بها عنه، ويقول الفاسى فى العقد الثمين من طريقها وقع لنا حديثه.
ومنذ انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وقراء الذكر الحكيم يعلمون تلاوته وقراءته فى الحرمين المكى والمدنى، ويختار ابن مجاهد فى القرن الرابع قراءة ابن كثير التى كان يقرأ بها أهل مكة وقراءة نافع التى كان يقرأ بها أهل المدينة بين القراءات السبع المشهورة لعصره، وظلت قراءة كل منهما تتداول فى بلدته وينقلها جيل من القراء إلى جيل، وتلقانا فى كتاب طبقات القراء لابن الجزرى أسماء طائفة منهم مثل أبى يحيى المكى المتوفى سنة 344 وأبى عبد الله البلخى المولود بمكة المتوفى سنة 372 ويكتظ كتاب العقد الثمين بتراجم كثير من القراء فى مكة والمدينة. وكانتا دارين للقراءات وعلوم الشريعة، أما علم الكلام فلم يكن له بهما كبير شأن.
وإذا ما تحولنا إلى اليمن وجدنا للفقه فيها نشاطا من قديم منذ معمر بن راشد المتوفى سنة 153 وإليه ارتحل سفيان الثورى وابن عيينة، وخلفه تلميذة عبد الرزاق بن همام المتوفى سنة 210 وعنه روى الحديث أحمد بن حنبل وغيره، وخلفه أبو قرة موسى بن طارق.
وكان الغالب فى اليمن حتى القرن الثالث مذهبى أبى حنيفة ومالك، ثم أخذ العلماء يعنون بمذهب الشافعى، وفى مقدمتهم موسى بن عمران المعافرىّ وآل زرقان إذ كان منهم عدة فقهاء عنوا بفقه الشافعى. ويقول الجعدى فى كتابه «طبقات فقهاء اليمن»: وخلف هذا الجيل إمام أئمة الشافعية فى صنعاء وعدن القاسم بن محمد القرشى المتوفى سنة 437 وهو الذى نشر مذهب الشافعى فى مخلاف الجند وفى صنعاء وعدن وزبيد، وكان قد جمع مع الفقه والحديث وأصول الفقة علم القراءات. وكان يعاصره الصعبى أحمد بن عبد الله وقد شرح مختصر المزنى المصرى صاحب الشافعى-كما يقول الجعدى-فى أربع سنوات مقابلا الكعبة الشريفة. ويخلف القاسم بن محمد مجموعة كبيرة من التلاميذ ينهضون بتعليم فقه الشافعى وبيان مذهبه. ولما ألف أبو إسحاق الشيرازى كتابيه: المهذب والتنبيه فى الفقة الشافعى، وأخذهما عنه حسين بن على الطبرى وأبو نصر البندنيجى وسكنا مكة حمل الفقهاء اليمنيون وغيرهم عنهما الكتابين، كما حملوهما عن تلميذه محمد بن عبدويه الذى سكن عدن مدة ثم انتقل منها إلى زبيد، وكان ينفق على طلبة العلم ويكرمهم كما يقول الجعدى. وينشط الفقه الشافعى أو المذهب الشافعى فى الفقه بتهامة وزبيد نشاطا واسعا،