كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 5)

والثلاثون يرون العدد أربعين فلا يصلون جمعة؛ لأن التسعة والثلاثين يقولون: نحن لن نصلي فيبقى واحد، فلا تنعقد به الجمعة فيصلون ظهراً.
وهذه المسألة التي ذكرها العلماء ـ رحمهم الله ـ تدلنا على أن الإنسان ينبغي أن يكون واسع الأفق، فالعلماء أسقطوا الجمعة من أجل الخلاف، وأوجبوها من أجل الخلاف، فالمسائل الخلافية التي يسوغ فيها الاجتهاد لا ينبغي للإنسان أن يكون فيها عنيفاً بحيث يضلل غيره، فمن رحمة الله عزّ وجلّ أنه لا يؤاخذ بالخلاف إذا كان صادراً عن اجتهاد، فمن أصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد، وأهل السنة والجماعة من هديهم وطريقتهم ألا يضللوا غيرهم ما دامت المسألة يسوغ فيها الاجتهاد، حتى إنهم قالوا: الخلفاء أربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي من خالف ترتيبهم في الخلافة فهو ضال، أي من قال: إن علياً أولى من أبي بكر بالخلافة فهو ضال، حتى قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: «هو أضل من حمار أهله»، ومن خالف في التفضيل بين عثمان وعلي، فقال: علي أفضل من عثمان فإنه لا يضلل؛ لأن هذه مسألة فيها خلاف بين أهل السنة، لكن استقر أمر أهل السنة على تفضيل عثمان تبعاً للخلافة، فإذا كان يرى أن الأحاديث الواردة في فضل علي ـ رضي الله عنه ـ تفوق الأحاديث الواردة في فضل عثمان ـ رضي الله عنه ـ فلا يضلل، لكن من فضَّل عليًّا على أبي بكر وعمر فقد قدح في علي نفسه؛ لأن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ يقول على منبر الكوفة، وهو يخطب الناس: «خير

الصفحة 42