كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 5)

ومثالها بلفظ الخبر الذي بمعنى الطلب: صلى الله على محمد.

وَقِرَاءةُ آيَةٍ والوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ........
قوله: «وقراءة آية».
هذا هو الشرط الثالث لصحة الخطبة، وهو قراءة آية فأكثر من كتاب الله، فإن لم يقرأ آية لم تصح الخطبة، ولكن يشترط في الآية أن تستقل بمعنى، فإن لم تستقل بمعنى لم تجزئ، فلو قرأ {ثُمَّ نَظَرَ *} [المدثر] فلا تستقل بمعنى، من الذي نظر؟ لا يعلم.
ولو قرأ {مُدْهَآمَّتَانِ *} [الرحمن] فلا تجزئ، ما معنى مدهامتان؟ أي: سوداوان، يفهم منها معنى، لكن ما هما الموصوفتان بهذه الصفة؟
ولو قرأ: {فَصَلِّ لِرَّبِكَ وَانْحَرْ *} [الكوثر] صحت؛ لأنه كلام مستقل مفهوم واضح، والدليل على اشتراط قراءة الآية: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ يوم الجمعة بـ «ق والقرآن المجيد» (¬1) يخطب بها، ولكن هذا ليس بدليل؛ لأن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب.
ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا تشترط لصحة الخطبة قراءة شيء من القرآن متى تضمنت الموعظة المؤثرة في إصلاح القلوب وبيان الأحكام الشرعية، وهذه الرواية الثانية عن أحمد ـ رحمه الله ـ.
قوله: «والوصية بتقوى الله عز وجل».
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم (872) عن عمرة بنت عبد الرحمن عن أخت لعمرة رضي الله عنهما.

الصفحة 54