كتاب التيسير في أحاديث التفسير (اسم الجزء: 5)

الأوقات، بل سيظل إعجازه قائما، وأثره ساريا في كل زمان، وسيزداد إعجاب الإنسان بما فيه من علم وحكمة، وما يدعو إليه من إحسان ورحمة، كلما ارتفع مستوى الإنسان، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى في إيجاز وإعجاز: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.

ويشهد لتفسير هذه الآية من الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)، {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.

ووصف كتاب الله ما عليه أولئك الجاحدون من عناد وغرور وتحد للقدرة الإلهية وللرسالة المحمدية، فقال تعالى في وصفهم: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ * يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، لكن العذاب الذي يستعجلون به، ويتحدون الرسول بطلبه، لا يأذن الله به إلا عند استنفاد جميع الوسائل لهدايتهم، وإصرارهم على ضلالتهم: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (107: 21)، {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (156: 7)، وفي الحديث القدسي: (رحمتي سبقت غضبي).

الصفحة 14