كتاب التيسير في أحاديث التفسير (اسم الجزء: 5)

ورسوله والمؤمنين، {لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ}، بينما هم في الواقع أعرق الناس في الباطل.

وأخيرا وجه كتاب الله الخطاب إلى الرسول الأعظم، وإلى كل مؤمن بصدق رسالته، آمرا رسوله ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، بالصبر على أذى المخالفين، والثبات أمام استفزاز الجاحدين، مؤكدا له ولمن اهتدى بهديه أن وعد الله بالنصر المكين، والفتح المبين، وعد لا يتخلف، لأنه وعد حق، صادر عن الحق، {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ} (6: 30)، وذلك قوله تعالى في ختام سورة الروم المكية: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}.

ومن سورة الروم المكية ننتقل إلى سورة لقمان المكية أيضا سائلين من الله الإعانة والمدد، وهذه السورة هي سادس سورة وردت مبدوءة بالحروف الهجائية المقطعة، المتعارفة (بفواتح السور) في نسق واحد وسلسلة واحدة، ابتداء من فاتحة سورة الشعراء {طسم} فسورة النمل {طس} فسورة القصص {طسم} فسورة العنكبوت {الم} فسورة الروم {الم} فسورة لقمان التي نحن بصدد تفسيرها {الم} وقد بينا في عدة مناسبات ما ترمز إليه هذه الحروف، وكونها تأتي متبوعة بالحديث عن الذكر الحكيم، والتعريف به والانتصار له، إما تلويحا وإما تصريحا كما في هذه السورة: {الم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} إشارة إلى أن الحروف العادية التي ينطق بها الناس تنقلب إلى وحي سماوي بالغ الحكمة والإعجاز، عندما ينفخ فيها

الصفحة 58