كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مَطَرٍ، ثنا أَسَدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي جَنَازَةٍ، فَلَمَّا أَنْ دُفِنَ الْمَيِّتُ رَكِبَ بَغْلَةً لَهُ صَغِيرَةً، ثُمَّ جَاءَ إِلَى قَبْرٍ، فَرَكَزَ عَلَيْهِ الْمِقْرَعَةَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الْقَبْرِ قَالَ عُمَرُ: فَنَادَانِي مُنَادٍ مِنْ خَلْفِي: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا عُمَرُ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَمَّ تَسْأَلُ؟ فَقُلْتُ: عَنْ سَاكِنِكَ وَجَارَكَ، قَالَ: أَمَا الْبَدَنُ فَعِنْدِي، وَالرُّوحُ عُرِجَ بِهِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَا أَدْرِي أَيُّ شَيْءٍ حَالُهُ، قُلْتُ: §أَسْأَلُكَ عَنْ سَاكِنِكَ وَجَارِكَ، قَالَ: دَمَغْتُ الْمُقْلَتَيْنِ، وَأَكَلْتُ الْحَدَقَتَيْنِ، وَمَزَّقْتُ الْأَكْفَانَ، وَأَكَلْتُ الْأَبْدَانَ «ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَذَكَرَ الشِّعْرَ»
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ نُوحٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ أَبِي قُرَّةَ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى بَعْضِ جَنَائِزِ بَنِي مَرْوَانَ، فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهَا وَفَرَغَ قَالَ -[264]- لِأَصْحَابِهِ: تَوَقَّفُوا، فَوَقَفُوا، فَضَرَبَ بَطْنَ فَرَسِهِ حَتَّى أَمْعَنَ فِي الْقُبُورِ، وَتَوَارَى عَنْهُمْ، فَاسْتَبْطَأَهُ النَّاسُ حَتَّى ظَنُّوا فَجَاءَ وَقَدِ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَبْطَأْتَ عَلَيْنَا؟ قَالَ: أَتَيْتُ قُبُورَ الْأَحِبَّةِ، قُبُورَ بَنِي آبَائِي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَرُدُّوا السَّلَامَ، فَلَمَّا ذَهَبْتُ أَقْفَى نَادَانِي التُّرَابُ فَقَالَ: §أَلَا تَسْأَلُنِي يَا عُمَرُ مَا لَقِيَتِ الْأَحِبَّةُ؟ قُلْتُ: وَمَا لَقِيَتِ الْأَحِبَّةُ؟ قَالَ: خَرَقْتُ الْأَكْفَانَ، وَأَكَلْتُ الْأَبْدَانَ، وَنَزَعْتُ الْمُقْلَتَيْنِ " فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَزَادَ: " فَلَمَّا ذَهَبْتُ أَقْفَى نَادَانِي: يَا عُمَرُ، عَلَيْكَ بِأَكْفَانٍ لَا تَبْلَى، قُلْتُ: وَمَا أَكْفَانٌ لَا تَبْلَى، قَالَ: اتِّقَاءُ اللهِ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ
الصفحة 263