كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُتَوَكِّلٍ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ يُعَزِّيهِ عَلَى ابْنِهِ: أَمَّا بَعْدُ «§فَإِنَّا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْآخِرَةِ أُسْكِنَّا الدُّنْيَا، أَمْوَاتٌ أَبْنَاءُ أَمْوَاتٍ، وَالْعَجَبُ لَمَيِّتٍ يَكْتُبُ إِلَى مَيِّتٍ يُعَزِّيهِ عَنْ مَيِّتٍ، وَالسَّلَامُ»
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ رُسْتُمَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، ثنا أَبُو الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ الْكُوفِيُّ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَخْطُبُ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، §إِنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ خَلْقَهُ ثُمَّ أَرْقَدَهُمْ، ثُمَّ يَبْعَثُهُمْ مِنْ رَقْدَتِهِمْ، فَإِمَّا إِلَى جَنَّةٍ وَإِمَّا إِلَى نَارٍ، وَاللهِ إِنْ كُنَّا مُصَدِّقِينَ بِهَذَا إِنَّا لَحَمْقَى، وَإِنَّ كُنَّا مُكَذَّبَيْنِ بِهَذَا إِنَّا لَهَلْكَى ثُمَّ نَزَلَ "
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُفَضَّلِ التَّمِيمِيُّ قَالَ: آخِرُ خِطْبَةٍ خَطَبَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، " §فَإِنَّ مَا فِي أَيْدِيكُمْ أَسْلَابُ الْهَالِكِينَ، وَسَيَتْرُكُهَا الْبَاقُونَ كَمَا تَرَكَهَا الْمَاضُونَ، أَلَا تَرَوْنَ أَنَّكُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ تُشَيِّعُونَ غَادِيًا أَوْ رَائِحًا إِلَى اللهِ تَعَالَى وَتَضَعُونَهُ فِي صَدْعٍ مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ فِي بَطْنِ الصَّدْعِ، غَيْرَ مُمَهَّدٍ وَلَا مُوَسَّدٍ، قَدْ خَلَعَ الْأَسْلَابَ، وَفَارَقَ الْأَحْبَابَ، وَأُسْكِنَ التُّرَابَ، وَوَاجَهَ الْحِسَابَ، فَقِيرٌ إِلَى مَا قَدَّمَ أَمَامَهُ، غَنِيٌّ عَمَّا تَرَكَ بَعْدَهُ؟، أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَقُولُ لَكُمْ هَذَا، وَمَا أَعْرِفُ مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مِثْلَ مَا أَعْرِفُ مِنْ نَفْسِي، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: بِطَرْفِ ثَوْبِهِ عَلَى عَيْنِهِ فَبَكَى، ثُمَّ نَزَلَ فَمَا خَرَجَ حَتَّى أُخْرِجَ إِلَى حُفْرَتِهِ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُكْرَمٍ، ثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ عِيسَى، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ إِلَى رَجُلٍ: أَمَّا بَعْدُ «§فَإِنِّي أُوصِيكَ -[267]- بِتَقْوَى اللهِ، وَالِانْشِمَارِ لِمَا اسْتَطَعْتَ مِنْ مَالِكَ، وَمَا رَزَقَكَ اللهُ إِلَى دَارِ قَرَارِكَ، فَكَأَنَّكَ وَاللهِ ذُقْتَ الْمَوْتَ، وَعَايَنْتَ مَا بَعْدَهُ بِتَصْرِيفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَإِنَّهُمَا سَرِيعَانِ فِي طَيِّ الْأَجَلِ، وَنَقْصِ الْعُمُرِ، لَمْ يَفُتْهُمَا شَيْءٌ إِلَّا أَفْنَيَاهُ، وَلَا زَمَنٌ مَرَّا بِهِ إِلَّا أَبْلَيَاهُ، مُسْتَعِدَّانِ لِمَنْ بَقَّيَ بِمِثْلِ الَّذِي أَصَابَ مَنْ قَدْ مَضَى، فَنَسْتَغْفِرُ اللهَ لِسَيِّئِ أَعْمَالِنَا، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ مَقْتِهِ إِيَّانَا عَلَى مَا نَعِظُ بِهِ مِمَّا نَقْصُرُ عَنْهُ»
الصفحة 266