كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي قَالَ: حَجَّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى عَقَبَةِ عُسْفَانَ نَظَرَ سُلَيْمَانُ إِلَى عَسْكَرِهِ فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ حُجَرِهِ وَأَبْنِيَتِهِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى مَا هَاهُنَا يَا عُمَرُ؟ قَالَ: أَرَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ دُنْيَا يَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضًا، أَنْتَ الْمَسْئُولُ عَنْهَا، وَالْمَأْخُوذُ بِمَا فِيهَا، فَطَارَ غُرَابٌ مِنْ حُجْرَةِ سُلَيْمَانَ يَنْعِبُ فِي مِنْقَارِهِ كِسْرَةٌ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا تَرَى هَذَا الْغُرَابَ يَقُولُ؟ قَالَ: أَظُنُّهُ يَقُولُ مِنْ أَيْنَ دَخَلَتْ هَذِهِ الكِسْرَةُ، وَكَيْفَ خَرَجَتْ، قَالَ: إِنَّكَ لَتَجِيءُ بِالْعَجَبِ يَا عُمَرُ، قَالَ: إِنْ شِئْتَ أُخْبِرُكَ بَأَعْجَبَ مِنْ هَذَا أَخْبَرْتُكَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي، قَالَ: §مَنْ عَرَفَ اللهَ فَعَصَاهُ، وَمَنْ عَرَفَ الشَّيْطَانَ فَأَطَاعَهُ، وَمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا، ثُمَّ اطْمَأَنَّ إِلَيْهَا، قَالَ سُلَيْمَانُ: نَغَّصْتَ عَلَيْنَا مَا نَحْنُ فِيهِ يَا عُمَرُ، وَضَرَبَ دَابَّتَهُ وَسَارَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ حَتَّى نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ، فَأَمْسَكَ بِرَأْسِهَا وَذَلِكَ أَنَّهُ سَبَقَ ثِقَلُهُ، فَرَأَى النَّاسُ كُلَّ مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا قَدِمَ عَلَيْهِ، فَبَكَى عُمَرُ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: هَكَذَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ، مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا قَدِمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يُقَدِّمْ شَيْئًا قَدِمَ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، ثَنَا عَفَّانُ ح. وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَيْسَانَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثَنَا ابْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَا: ثنا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: اجْتَمَعَ بَنُو مَرْوَانَ فَقَالُوا: لَوْ دَخَلْنَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَعَطَّفْنَاهُ عَلَيْنَا، وَذَكَّرْنَاهُ أَرْحَامَنَا؟ قَالَ: فَدَخَلُوا، فَتَكَلَّمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَمَزَحَ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ، قَالَ: فَوَصَلَ لَهُ رَجُلٌ كَلَامَهُ بِالْمِزَاحِ، فَقَالَ عُمَرُ: §لِهَذَا اجْتَمَعْتُمْ؟ لِأَخَسِّ الْحَدِيثِ وَلِمَا يُورِثُ -[273]- الضَّغَائِنَ إِذَا اجْتَمَعْتُمْ، فَأَفِيضُوا فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، فَإِنْ تَعَدَّيْتُمْ ذَلِكَ فَفِي السُّنَّةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ تَعَدَّيْتُمْ ذَلِكَ فَعَلَيْكُمْ بِمَعَانِي الْحَدِيثِ "

الصفحة 272