كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَذَّاءُ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، ثَنَا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ صَفْوَانَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ بَعْضِ، آلِ عُمَرَ، أَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي رَسُولُ قَوْمِكَ إِلَيْكَ، وَإِنَّ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا أُكَلِّمُكَ بِهِ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: اسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ بِرَأْيكَ فِيمَا تَحْتَ يَدَيْكَ، وَخَلِّ بَيْنَ مَنْ سَبَقَكَ وَبَيْنَ مَا وَلَّوْا بِهِ مَنْ كَانَ يَلُونَ أَمَرَهُ بِمَا عَلَيْهِمْ وَلَهُمْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: §أَرَأَيْتَ لَوْ أُتِيتُ بِسِجِلَّيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ مُعَاوِيَةَ، وَالْآخَرُ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِأَمْرٍ وَاحِدٍ، فَبِأَيِّ السِّجِلَّيْنِ كُنْتُ آخُذُ؟ قَالَ: بِالْأَقْدَمِ وَلَا أَعْدِلُ بِهِ شَيْئًا، قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي وَجَدْتُ كِتَابَ اللهِ الْأَقْدَمَ، فَأَنَا حَامِلٌ عَلَيْهِ مِنَ أَتَانِي مِمَّنْ تَحْتَ يَدِي فِي مَالِي، وَفِيمَا سَبَقَنِي، فَقَالَ لَهُ سَعِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، امْضِ لِرَأْيِكَ فِيمَا وَلِيتَ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ، وَخَلِّ عَمَّنْ سَبَقَكَ وَعَمَّا وَلَّى، خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، فَإِنَّكَ مُكْتَفٍ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْشُدُكَ اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تَعُودُ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَتَرَكَ بَنِينَ صِغَارًا وَكُبَارًا، فَعَزَّ الْأَكَابِرُ الْأَصَاغِرَ بِقُوَّتِهِمْ، فَأَكَلُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَدْرَكَ الْأَصَاغِرُ فَجَاءُوكَ بِهِمْ وَبِمَا صَنَعُوا فِي أَمْوَالِهِمْ، مَا كُنْتَ صَانِعًا؟ قَالَ: كُنْتُ أَرُدُّ عَلَيْهِمْ حُقُوقَهُمْ حَتَّى يَسْتَوْفُوهَا، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ كَثِيرًا مِمَّنْ قَبْلِي مِنَ الْوُلَاةِ غَزُوا النَّاسَ بِقُوَّتِهِمْ وَسُلْطَانِهِمْ، وَعَزَّهُمْ بِهَا أَتْبَاعُهُمْ. فَلَمَّا وَلِيتُ أَتَوْنِي بِذَلِكَ، فَلَمْ يَسَعْنِي إِلَّا الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ، وَعَلَى الْمُسْتَضْعَفِ مِنَ الشَّرِيفِ، فَقَالَ وَفَّقَكَ اللهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَذَّاءُ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مَنْصُورٌ، ثَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنِي مُحَدِّثٌ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، دَخَلَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَأَخْلِنِي - وَعِنْدَهُ -[283]- مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ - فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَسَرٌّ دُونَ عَمِّكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَامَ مَسْلَمَةُ وَخَرَجَ، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا §أَنْتَ قَائِلٌ لِرَبِّكَ غَدًا إِذَا سَأَلَكَ فَقَالَ: رَأَيْتَ بِدْعَةً فَلَمْ تُمِتْهَا أَوْ سُنَّةً لَمْ تُحْيِهَا؟ فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ أَشَيْءٌ حَمَّلَتْكَهُ الرَّعِيَّةُ إِلَيَّ أَمْ رَأْيٌ رَأَيْتَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِكَ؟ قَالَ: لَا وَاللهِ وَلَكِنْ رَأْيٌ رَأَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي، وَعَرَفْتُ أَنَّكَ مَسْئُولٌ فَمَا أَنْتَ قَائِلٌ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: رَحِمَكَ اللهُ وَجَزَاكَ مِنْ وَلَدٍ خَيْرًا، فَوَاللهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنَ الْأَعْوَانِ عَلَى الْخَيْرِ، يَا بُنَيَّ إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ شَدُوا هَذَا الْأَمْرَ عُقْدَةً عُقْدَةً، وَعُرْوَةً عُرْوَةً، وَمَتَى مَا أُرِيدُ مُكَابَرَتَهُمْ عَلَى انْتِزَاعِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ لَمْ آمَنْ أَنْ يَفْتِقُوا عَلَيَّ فَتْقًا تَكْثُرُ فِيهِ الدِّمَاءِ، وَاللهِ لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ أَنْ يُهَرَاقَ فِي سَبَبِي مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ، أَوَمَا تَرْضَى أَنْ لَا يَأْتِيَ عَلَى أَبِيكَ يَوْمٌ مِنَ أَيَّامِ الدُّنْيَا إِلَّا وَهُوَ يُمِيتُ فِيهِ بِدْعَةً وَيُحْيى فِيهِ سُنَّةً حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ؟

الصفحة 282