كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ، ثنا الْحَكِيمُ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ §وَأَرْسَلَ غُلَامَهُ يَشْوِي بِكَبْكَبَةٍ مِنْ لَحْمٍ، فَعَجِلَ بِهَا فَقَالَ: أَسْرَعْتَ بِهَا؟ قَالَ: شَوَيْتُهَا فِي نَارِ الْمَطْبَخِ - وَكَانَ لِلْمُسْلِمِينَ مَطْبَخٌ يُغَدِّيهِمْ وَيُعَشِّيهِمْ - فَقَالَ لِغُلَامِهِ: كُلْهَا يَا بُنَيَّ فَإِنَّكَ رُزِقْتَهَا وَلَمْ أُرْزَقْهَا "
حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: كَانَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَفَطٌ فِيهِ دُرَّاعَةٌ مِنْ شَعْرٍ وَغُلٌّ، وَكَانَ لَهُ بَيْتٌ فِي جَوْفِ بَيْتٍ يُصَلِّي فِيهِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَحَدٌ، فَإِذَا §كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَتْحَ ذَلِكَ السَّفَطَ، وَلَبِسَ تِلْكَ الدُّرَّاعَةَ، وَوَضَعَ الْغُلَّ فِي عُنُقِهِ، فَلَا يَزَالُ يُنَاجِي رَبَّهُ وَيبْكِي حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ يَعِيدُهُ فِي السَّفَطِ "
حَدَّثَنَا أَبِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَا: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَاتِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْأَزْدِيُّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ عُثْمَانَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ فِي بَعْضِ خُطَبِهِ: «§إِنَّ لِكُلِّ سَفَرٍ زَادًا لَا مَحَالَةَ، فَتَزَوَّدُوا لِسَفَرِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ التَّقْوَى، وَكُونُوا كَمَنْ عَاينَ مَا أَعَدَّ اللهُ مِنْ ثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ، وَتَرَغَّبُوا وَتَرَهَّبُوا، وَلَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الْأَمَدُ فَتَقْسَى قُلُوبُكُمْ، وَتَنْقَادُوا لِعَدُوِّكُمْ، فَإِنَّهُ وَاللهِ مَا بُسِطَ أَمَلُ مَنْ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ لَا يُصْبِحُ بَعْدَ مَسَائِهِ وَلَا يُمْسِي بَعْدَ صَبَاحِهِ، وَلَرُبَّمَا كَانَتْ بَيْنَ ذَلِكَ خَطَفَاتُ الْمَنَايَا، فَكَمْ رَأَيْتُ وَرَأَيْتُمْ مَنْ كَانَ بِالدُّنْيَا مُغْتَرًّا، وَإِنَّمَا تَقَرُّ عَيْنُ مَنْ وَثِقَ بِالنَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ اللهِ، وَإِنَّمَا يَفْرَحُ مَنَ أَمِنَ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَأَمَّا مَنْ لَا يَدَاوِي كَلْمًا إِلَّا أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى، أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ آمُرَكُمْ بِمَا أَنْهَى عَنْهُ نَفْسِي، فَتَخْسَرُ صَفْقَتِي، وَتَظْهَرُ غَيْلَتِي، وَتَبْدُو مَسْكَنَتِي فِي يَوْمٍ يَبْدُو فِيهِ الْغِنَى وَالْفَقْرُ، وَالْمَوَازِينُ مَنْصُوبَةٌ، وَلَقَدْ عُنِيتُمْ -[292]- بِأَمْرٍ لَوْ عُنِيَتْ بِهِ النُّجُومُ لَانْكَدَرَتْ، وَلَوْ عُنِيَتْ بِهِ الْجِبَالُ لَذَابَتْ، وَلَوْ عُنِيَتْ بِهِ الْأَرْضُ لَتَشَقَّقَتْ، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مَنْزِلَةٌ، وَأَنَّكُمْ صَائِرُونَ إِلَى إِحْدَاهُمَا»
الصفحة 291