كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)

حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدٌ قَالَا:، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: «§إِنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِدَارِ قَرَارِكُمْ، دَارٌ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهَا الْفِنَاءَ، وَكَتَبَ عَلَى أَهْلِهَا مِنْهَا الظَّعْنَ، فَكَمْ عَامِرٍ مُوثَقٍ عَمَّا قَلِيلٍ مُخْرَبٌ، وَكَمْ مُقِيمٍ مُغْتَبِطٍ عَمَّا قَلِيلٍ يَظْعَنُ، فَأَحْسِنُوا رَحِمَكُمُ اللهُ مِنْهَا الرِّحْلَةَ بِأَحْسَنِ مَا يَحْضُرُكُمْ مِنَ النُّقْلَةِ، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى، إِنَّمَا الدُّنْيَا كَفَيْءِ ظِلَالٍ قَلِصَ فَذَهَبَ، بَيْنَا ابْنُ آدَمَ فِي الدُّنْيَا يُنَافِسُ فِيهَا وَبِهَا قَرِيرُ الْعَيْنِ، إِذْ دَعَاهُ اللهُ بِقَدَرِهِ، وَرَمَاهُ بِيوْمِ حَتْفِهِ، فَسَلَبَهُ آثَارَهُ وَدُنْيَاهُ، وَصَيَّرَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ مَصَانِعَهُ وَمَغْنَاهُ، إِنَّ الدُّنْيَا لَا تَسُرُّ بِقَدْرِ مَا تَضُرُّ، إِنَّهَا تَسُرُّ قَلِيلًا، وَتَجُرُّ حُزْنًا طَوِيلًا»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فِي كِتَابِهِ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا أَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوِ اتَّخَذْتَ حَرَسًا، وَاحْتَرَزْتَ فِي طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ يَفْعَلُهُ فَقَالَ: «§اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أَخَافُ شَيْئًا دُونَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُؤَمِّنْ خَوْفِي»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ الْحَرْبِيُّ، ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ جَعْبَانَ الْعَبْسِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: " §إِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ مِلْتُ عَنِ الْحَقِّ، فَضَعْ يَدَكَ فِي تَلْبَابِي ثُمَّ هُزَّنِي ثُمَّ قُلْ: يَا عُمَرُ مَا تَصْنَعُ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ جَعْوَنَةَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَهْلِ الْمَوْسِمِ: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَأَبْرَأُ إِلَيْهِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْبَلَدِ الْحَرَامِ، وَيوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، §أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ ظُلْمِ مَنْ ظَلَمَكُمْ، وَعُدْوَانِ مِنَ اعْتَدَى عَلَيْكُمُ أَنْ أَكُونَ أَمَرْتُ بِذَلِكَ، أَوْ رَضِيتُهُ أَوْ تَعَمَّدْتُهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَهْمًا -[293]- مِنِّي، أَوْ أَمْرًا خَفِيَ عَلَيَّ لَمْ أَتَعَمَّدْهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَوْضُوعًا عَنِّي مَغْفُورًا لِي، إِذَا عَلِمَ مِنِّي الْحِرْصَ وَالِاجْتِهَادَ، أَلَا وَإِنَّهُ لَا إِذْنَ عَلَى مَظْلُومٍ دُونِي، وَأَنَا مِعْوَلُ كُلِّ مَظْلُومٍ، أَلَا وَأَيُّ عَامِلٍ مِنْ عُمَّالِي رَغِبَ عَنِ الْحَقِّ وَلَمْ يَعْمَلْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَلَا طَاعَةَ لَهُ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ صَيَّرْتُ أَمَرَهُ إِلَيْكُمْ، حَتَّى يُرَاجِعَ الْحَقَّ، وَهُوَ ذَمِيمٌ، أَلَا وَإِنَّهُ لَا دَوْلَةَ بَيْنَ أَغْنِيَائِكُمْ، وَلَا أَثَرَةَ عَلَى فُقَرَائِكُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ فَيْئِكُمْ، أَلَا وَأَيُّمَا وَارِدٍ وَرَدَ فِي أَمْرٍ يُصْلِحُ اللهُ بِهِ خَاصًّا أَوْ عَامًّا مِنْ هَذَا الدِّينِ، فَلَهُ مَا بَيْنَ مِائَتَيْ دِينَارٍ إِلَى ثَلَاثِ مِائَةِ دِينَارٍ عَلَى قَدْرِ مَا نَوَى مِنَ الْحَسَنَةِ، وَتَجَشَّمَ مِنَ الْمَشَقَّةِ، رَحِمَ اللهُ امْرَأً لَمْ يَتَعَاظَمْهُ سَفَرٌ يُحْيِي اللهُ بِهِ حَقًّا لِمَنْ وَرَاءَهُ، وَلَوْلَا أَنْ أَشْغَلَكُمْ عَنْ مَنَاسِكِكُمْ لَرَسَمْتُ لَكُمْ أُمُورًا مِنَ الْحَقِّ، أَحْيَاهَا اللهُ لَكُمْ، وَأُمُورًا مِنَ الْبَاطِلِ أَمَاتَهَا اللهُ عَنْكُمْ، وَكَانَ اللهُ هُوَ الْمُتَوَحِّدُ بِذَلِكَ، فَلَا تَحْمَدُوا غَيْرَهُ، فَإِنَّهُ لَوْ وَكَّلَنِي إِلَى نَفْسِي كُنْتُ كَغَيْرِي، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ»

الصفحة 292