كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)
حَدَّثَنَا أَبِي، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ قَالَا: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُوسَى بْنُ عَامِرٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلَاءِ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، يَخْطُبُ فِي الْجُمُعِ بِخُطْبَةٍ وَاحِدَةٍ يُرَدِّدُهَا، يَفْتَتِحُهَا بِسَبْعِ كَلِمَاتٍ: §إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى، ثُمَّ يُوصِي بِتَقْوَى اللهِ، وَيَتَكَلَّمُ، ثُمَّ يَخْتِمُ خُطْبَتَهُ الْأَخِيرَةَ بِقِرَاءَةِ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ: {يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الزمر: 53]، إِلَى تَمَامِ الْعَشْرِ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلَاءِ: لَمْ يَدَعْ قِرَاءَةَ ذَلِكَ مَقَامِي قَبْلَهُ "
حَدَّثَنَا أَبِي وَأَبُو مُحَمَّدٍ قَالَا: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عَامِرٍ مُوسَى بْنُ عَامِرٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ الْفِطْرِ: «§أَتَدْرُونَ مَا مَخْرَجُكُمْ هَذَا؟ صُمْتُمْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَقُمْتُمْ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ خَرَجْتُمْ تَسْأَلُونَ رَبَّكُمْ أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنْكُمْ»
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شِبْلٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَخْطُبُ النَّاسَ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، فَذَكَرَ الْمَوْتَ فَقَالَ: «§غَنَظٌ لَيْسَ كَالْغَنَظِ، وَكَظٌّ لَيْسَ كَالْكَظِّ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ -[303]-، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ قُرَيْشٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَهِدَ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ: «§عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ فِي كُلِّ حَالٍ يَنْزِلُ بِكَ، فَإِنَّ تَقْوَى اللهِ أَفْضَلُ الْعُدَّةِ، وَأَبْلَغُ الْمَكِيدَةِ، وَأَقْوَى الْقُوَّةِ، وَلَا تَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ عَدَاوَةِ عَدُوِّكَ أَشَدَّ احْتِرَاسًا لِنَفْسِكَ وَمَنْ مَعَكَ مِنْ مَعَاصِي اللهِ، فَإِنَّ الذُّنُوبَ أَخْوَفُ عِنْدِي عَلَى النَّاسِ مِنْ مَكِيدَةِ عَدُوِّهِمْ، وَإِنَّمَا نُعَادِي عَدُوَّنَا وَنَسْتَنْصِرُ عَلَيْهِمْ بِمَعْصِيَتِهِمْ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ لَنَا قُوَّةٌ بِهِمْ، لِأَنَّ عَدَدَنَا لَيْسَ كَعَدَدِهِمْ، وَلَا قُوَّتُنَا كَقُوَّتِهِمْ، فَإِنْ لَا نُنْصَرْ عَلَيْهِمْ بِمَقْتِنَا لَا نَغْلِبْهُمْ بِقُوَّتِنَا، وَلَا تَكُونُنَّ لِعَدَاوَةِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَحْذَرَ مِنْكُمْ لِذُنُوبِكُمْ، وَلَا أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنْكُمْ لِذُنُوبِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ عَلَيْكُمْ مَلَائِكَةَ اللهِ حَفَظَةٌ عَلَيْكُمْ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ فِي مَسِيرِكُمْ وَمَنَازِلِكُمْ، فَاسْتَحْيُوا مِنْهُمْ، وَأَحْسِنُوا صَحَابَتَهُمْ، وَلَا تُؤْذُوهُمْ بِمَعَاصِي اللهِ، وَأَنْتُمْ زَعَمْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَا تَقُولُوا أَنَّ عَدُوَّنَا شَرٌّ مِنَّا، وَلَنْ يُنْصَرُوا عَلَيْنَا وَإِنْ أَذْنَبْنَا، فَكَمْ مِنْ قَوْمٍ قَدْ سُلِّطَ - أَوْ سُخِطَ - عَلَيْهِمْ بِأَشَرَّ مِنْهُمْ لِذُنُوبِهِمْ، وَسَلُوا اللهَ الْعَوْنَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ كَمَا تَسْأَلُونَهُ الْعَوْنَ عَلَى عَدُوِّكُمْ، نَسْأَلُ اللهَ ذَلِكَ لَنَا وَلَكُمْ، وَأَرْفُقْ بِمَنْ مَعَكَ فِي مَسِيرِهِمْ فَلَا تُجَشِّمْهُمْ مَسِيرًا يُتْعِبُهُمْ، وَلَا تَقْصُرْ بِهِمْ عَنْ مَنْزِلٍ يَرْفُقُ بِهِمْ حَتَّى يَلْقَوْا عَدُوَّهُمْ وَالسَّفَرُ لَمْ يُنْقِصْ قُوَّتَهُمْ وَلَا كُرَاعَهُمْ فَإِنَّكُمْ تَسِيرُونَ إِلَى عَدِوٍّ مُقِيمٍ جَامِ الْأَنْفُسِ وَالْكُرَاعِ وَإِلَّا تَرْفُقُوا بِأَنْفُسِكُمْ وَكُرَاعِكُمْ فِي مَسِيرِكُمْ، يَكُنْ لِعَدُوِّكُمْ فَضْلٌ فِي الْقُوَّةِ عَلَيْكُمْ فِي إِقَامَتِهِمْ فِي جِمَامِ الْأَنْفُسِ وَالْكُرَاعِ، وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ، أَقِمْ بِمَنْ مَعَكَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً لِتَكُونَ لَهُمْ رَاحَةً يَجْمَعُونَ بِهَا أَنْفُسَهُمْ وَكُرَاعَهُمْ، وَيَرْمُونَ أَسْلِحَتَهُمْ وَأَمْتِعَتَهُمْ، وَنَحِّ مَنْزِلَكَ عَنْ قُرَى الصُّلْحِ، وَلَا يَدْخُلْهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ لِسُوقِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ، إِلَّا مَنْ تَثِقُ بِهِ وَتَأْمَنُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَدِينِهِ، فَلَا يُصِيبُوا فِيهَا ظُلْمًا، وَلَا يَتَزَوَّدُوا مِنْهَا إِثْمًا، وَلَا يَرِزِئُونَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهَا شَيْئًا إِلَّا بِحَقٍّ، فَإِنَّ لَهُمْ حُرْمَةً وَذِمَّةً، ابْتُلِيتُمْ بِالْوَفَاءِ بِهَا، كَمَا ابْتُلُوا بِالصَّبْرِ عَلَيْهَا، فَلَا تَسْتَنْصِرُوا عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ بِظُلْمِ أَهْلِ الصُّلْحِ، وَلْتَكُنْ عُيُونُكَ مِنَ الْعَرَبِ مِمَّنْ تَطْمَئِنُّ إِلَى نُصْحِهِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَإِنَّ الْكَذُوبَ لَا يَنْفَعُكَ خَبَرُهُ -[304]-، وَإِنْ صَدَقَ فِي بَعْضِهِ، وَإِنَّ الْغَاشَّ عَيْنٌ عَلَيْكَ وَلَيْسَ بِعَيْنٍ لَكَ»
الصفحة 302