كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «أَمَّا بَعْدُ §فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ الَّتِي كَتَبْتَهُ إِلَى سُلَيْمَانَ، وَكُنْتُ الْمُبْتَلَى بِالنَّظَرِ فِيهِ، كَتَبْتَ تَسْأَلُهُ أَنْ يَقْطَعَ لَكَ شَيْئًا مِنَ الْقَرَاطِيسِ مِثْلَ الَّذِي كَانَ يَقْطَعُ لِمَنْ كَانَ قَبْلَكَ، وَتَذْكُرُ أَنَّ الَّتِي قَبْلَكَ قَدْ نَفِدَتْ، وَقَدْ قُطِعَتْ لَكَ دُونَ مَا كَانَ يُقْطَعُ لِمَنْ كَانَ قَبْلَكَ، فَأَدِقَّ قَلَمَكَ، وَقَارِبْ بَيْنَ أَسْطُرِكَ، وَاجْمَعْ حَوَائِجَكَ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُخْرِجَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَالسَّلَامُ»
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فِي كِتَابِهِ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُقْبَةَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، ثنا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ قَالَ: كَتَبَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - وَكَانَ عَامِلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أَشْيَاخَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ بَلَغُوا أَسْنَانًا لَمْ يَبْلُغُوا الشُّرَفَ مِنَ الْعَطَاءِ، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَبْلُغَ بِهِمُ الشُّرَفَ مِنَ الْعَطَاءِ فَلْيَفْعَلْ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ فِي صَحِيفَةٍ أُخْرَى: سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلِي مِنْ أُمَرَاءِ الْمَدِينَةِ كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ رِزْقٌ فِي شَمْعَةٍ، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَأْمُرَ لِي بِرِزْقٍ فِي شَمْعَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ فِي صَحِيفَةٍ أُخْرَى: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ أَخْوَالَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْهَدَمَ مَسْجِدُهُمْ، فَإِنَّ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَأْمُرَ لَهُمْ بِبِنَائِهِ فَلْيفْعَلْ، قَالَ: فَأَجَابَهُ فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ بِجَوَابٍ وَاحِدٍ فِي صَحِيفَةٍ وَاحِدَةٍ: «سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ، جَاءَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ أَنَّ أَشْيَاخَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ بَلَغُوا أَسْنَانًا لَمْ يَبْلُغُوا الشُّرَفَ مِنَ الْعَطَاءِ، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَبْلُغَ بِهِمُ الشُّرَفَ مِنَ الْعَطَاءِ فَلْيَفْعَلْ، وَإِنَّمَا الشُّرَفُ شَرَفُ الْآخِرَةِ، فَلَا أَعْرِفَنَّ مَا كَتَبْتَ بِهِ إِلَيَّ فِي نَحْوِ هَذَا، وَجَاءَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنْ أُمَرَاءِ الْمَدِينَةِ كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِمُ رِزْقٌ فِي شَمْعَةٍ، فَإِنَّ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَأْمُرَ لِي بِرِزْقٍ فِي شَمْعَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَلَعَمْرِي يَا ابْنَ أُمِّ حَزْمٍ لَطَالَمَا مَشَيْتَ إِلَى مُصَلَّى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّلَمِ -[309]- لَا يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْكَ بِالشَّمْعِ، وَلَا يُوجَفُ خَلْفَكَ أَبْنَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَارْضَ لِنَفْسِكَ الْيَوْمَ مَا كُنْتَ تَرْضَى بِهِ قَبْلَ الْيَوْمِ، وَجَاءَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ أَنَّ §بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ مِنْ أَخْوَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْهَدَمَ مَسْجِدُهُمْ، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَأْمُرَ لَهُمْ بِبِنَائِهِ فَلْيفْعَلْ، وَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا لَمْ أَضَعْ حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، وَلَا لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَابْنِهِ لَهُمْ بِلَبِنٍ بِنَاءً قَاصِدًا وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ»
الصفحة 308