كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو عَرُوبَةَ الْحَرَّانِيُّ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ، ثنا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ: «§إِنَّ أَظْلَمُ مِنِّي وَأَخْوَنُ مَنْ وَلَّى عَبْدَ ثَقِيفٍ خُمُسَ الْخُمُسِ، يَحْكُمُ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ - يَعْنِي يَزِيدَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ - وَأَظْلَمُ مِنِّي وَأَجْوَرُ مَنْ وَلَّى عُثْمَانَ بْنَ حَيَّانَ الْحِجَازَ يَنْطِقُ بِأَشْعَارٍ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَظْلَمُ مِنِّي وَأَخْوَنُ مَنْ وَلَّى قُرَّةَ بْنَ شَرِيكٍ مِصْرَ، أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ جَافٌّ، أَظْهَرَ فِيهَا الْمَعَازِفَ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو عَرُوبَةَ، ثنا أَيُّوبُ الْوَزَّانُ، عَنْ ضَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «§الْوَلِيدُ بِالشَّامِ، وَالْحَجَّاجُ بِالْعِرَاقِ، وَعُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ بِالْحِجَازِ، وَقُرَّةُ بْنُ شَرِيكٍ بِمِصْرَ، امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ وَاللهِ جَوْرًا»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا أَبُو عَرُوبَةَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أَبِي، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ: «§مِنْ عَبْدِ اللهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى خَاقَانَ وَقَوْمِهِ، ثَبَتَ السَّلَامُ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللهِ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ نَاسًا مِنَ الْحَرُورِيَّةِ تَجَمَّعُوا بِنَاحِيَةٍ مِنَ الْمَوْصِلِ، فَكَتَبْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَعْلَمَهُ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيَّ يَأْمُرُنِي؛ أَنْ أَرْسِلْ إِلَيَّ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْجَدَلِ وَأَعْطِهِمْ رَهْنًا، وَخُذْ مِنْهُمْ رَهْنًا، وَاحْمِلْهُمْ عَلَى مَرَاكِبَ مِنَ الْبَرِيدِ إِلَيَّ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ -[310]- فَلَمْ يَدَعْ لَهُمْ حُجَّةً إِلَّا كَسَرَهَا، فَقَالُوا: لَسْنَا نُجِيبُكَ حَتَّى تُكَفِّرَ أَهْلَ بَيْتِكَ وَتَلْعَنَهُمْ وَتَبْرَأَ مِنْهُمْ، فَقَالَ عُمَرُ: " إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنِي لَعَّانًا، وَلَكِنْ إِنْ أَبْقَى أَنَا وَأَنْتُمْ فَسَوْفَ أَحْمِلُكُمْ وَإِيَّاهُمْ عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ، فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوا ذَلِكَ مِنْهُ، فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ: إِنَّهُ لَا يَسَعَكُمْ فِي دِينِكُمْ إِلَّا الصِّدْقُ، مُذْ كَمْ دِنْتُمْ لِلَّهِ بِهَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: مُذْ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، قَالَ: فَهَلْ لَعَنْتُمْ فِرْعَوْنَ وَتَبَرَّأْتُمْ مِنْهُ؟ " قَالُوا: لَا، قَالَ: «فَكَيْفَ وِسِعَكُمْ تَرْكُهُ وَلَا يَسَعُنِي تَرْكُ أَهْلِ بَيْتِي، وَقَدْ كَانَ فِيهِمُ الْمُحْسِنُ وَالْمُسِيءُ، وَالْمُصِيبُ وَالْمُخْطِئُ؟» قَالُوا: قَدْ بَلَغَنَا مَا هَاهُنَا، فَكَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ «أَنْ خُذْ مَنْ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ رَهْنِكَ، وَخَلِّ مَنْ فِي يَدِكَ مِنْ رَهْنِهِمْ، وَإِنْ كَانَ رَأَى الْقَوْمُ أَنْ يَسِيحُوا فِي الْبِلَادِ عَلَى غَيْرِ فَسَادٍ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا تَنَاوَلِ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ فَلْيَذْهَبُوا حَيْثُ شَاءُوا، وَإِنْ هُمْ تَنَاوَلُوا أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ فَحَاكِمْهُمْ إِلَى اللهِ» وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ: " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، §مِنْ عَبْدِ اللهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْعِصَابَةِ الَّذِينَ خَرَجُوا، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] إِلَى قَوْلِهِ {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125] وَإِنِّي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ أَنْ تَفْعَلُوا كَفِعْلِ كُبَرَائِكُمْ: {الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} أَفَبِذَنْبِي تَخْرُجُونَ مِنْ دِينِكُمْ، وَتَسْفِكُونَ الدِّمَاءَ، وَتَنْتَهِكُونَ الْمَحَارِمَ، فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَخْرِجَةً رَعِيَّتَهُمْ مِنْ دِينِهِمْ - إِنْ كَانَتْ لَهُمَا ذُنُوبٌ - فَقَدْ كَانَتْ آبَاؤُكُمْ فِي جَمَاعَتِهِمْ فَلَمْ يَنْزِعُوا، فَمَا سُرْعَتُكُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَنْتُمْ بَضْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا؟ وَإِنِّي أُقْسِمُ لَكُمْ بِاللهِ لَوْ كُنْتُمْ أَبْكَارِي مِنْ وَلَدِي فَوَلَّيْتُمْ عَمَّا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ لَدَفَقْتُ دِمَاءَكُمْ، أَلْتَمِسُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، فَهَذَا النُّصْحُ فَإِنِ اسْتَغْشَشْتُمُونِي فَقَدِيمًا مَا اسْتُغِشَّ النَّاصِحُونَ فَأَبَوْا إِلَّا الْقِتَالَ، وَحَلَقُوا رُءُوسَهُمْ، وَسَارُوا إِلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى فَأَتَاهُمْ كِتَابُ عُمَرَ وَيَحْيَى مُوَافِقُهُمْ لِلْقِتَالِ: مِنْ عَبْدِ اللهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي ذَكَرْتُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]. وَإِنَّ مِنَ الْعُدْوَانِ قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، فَلَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً -[311]- وَلَا صَبِيًّا، وَلَا تَقْتُلَنَّ أَسِيرًا، وَلَا تَطْلُبَنَّ هَارِبًا، وَلَا تُجْهِزَنَّ عَلَى جَرِيحٍ، إِنْ شَاءَ اللهُ، وَالسَّلَامُ "

الصفحة 309