كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الْعَبْدِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: دَخَلَ سَابِقٌ الْبَرْبَرِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ لَهُ: عِظْنِي يَا سَابِقُ وَأَوْجِزْ، قَالَ: «نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَبْلُغُ إِنْ شَاءَ اللهُ» قَالَ: هَاتِ، فَأَنْشَدَهُ
[البحر الطويل]
§إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ الْتَقَى ... وَوَافَيْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا
نَدِمْتَ عَلَى أَنْ لَا تَكُونَ شَرَكْتَهُ ... وَأَرْصَدْتَ قَبْلَ الْمَوْتِ مَا كَانَ أَرْصَدَا
فَبَكَى عُمَرُ حَتَّى سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ
حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدٌ قَالَا: ثنا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ عُمَرُ بْنُ ذَرٍ يَذْكُرُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانٍ، أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَوْمًا وَعِنْدَهُ سَابِقٌ الْبَرْبَرِيُّ الشَّاعِرُ وَهُوَ يُنْشِدُ شَعَرًا، فَانْتَهَى فِي شَعْرِهِ إِلَى هَذِهِ الْأَبْيَاتِ:
[البحر الطويل]
§فَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ بَاتَ لِلْمَوْتِ آمِنًا ... أَتَتْهُ الْمَنَايَا بَغْتَةً بَعْدَمَا هَجَعْ
فَلَمْ يَسْتَطِعْ إِذْ جَاءَهُ الْمَوْتُ بَغْتَةً ... فِرَارًا وَلَا مِنْهُ بِقُوَّتِهِ امْتَنَعْ
فَأَصْبَحَ تَبْكِيهِ النِّسَاءُ مُقَنَّعًا ... وَلَا يَسْمَعُ الدَّاعِي وَإِنْ صَوْتَهُ رَفَعْ
وَقُرِّبَ مِنْ لَحْدٍ فَصَارَ مَقِيلَهُ ... وَفَارَقَ مَا قَدْ كَانَ بِالْأَمْسِ قَدْ جَمَعْ
فَلَا يَتْرُكُ الْمَوْتُ الْغَنِيَّ لِمَالِهِ ... وَلَا مُعْدِمًا فِي الْمَالِ ذَا حَاجَةٍ يَدَعْ
قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يَبْكَى وَيَضْطَرِبُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، فَقُمْنَا فَانْصَرَفْنَا عَنْهُ "
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْعُمَرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ وُهَيْبَ بْنَ الْوَرْدِ، يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ:
[البحر الطويل]
§يُرَى مُسْتَكِينًا وَهُوَ لِلَّهْوِ مَاقِتٌ ... بِهِ عَنْ حَدِيثِ الْقَوْمِ مَا هُوَ شَاغِلُهْ
وَأَزْعَجَهُ عِلْمٌ عَنِ الْجَهْلِ كُلُّهُ ... وَمَا عَالِمٌ شَيْئًا كَمَنْ هُوَ جَاهِلُهْ
عَبُوسٌ عَنِ الْجُهَّالِ حِينَ يَرَاهُمُ ... فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُمْ خَدِينٌ يُهَازِلُهْ
تَذَكَّرَ مَا يَبْقَى مِنَ الْعَيْشِ آجِلًا ... فَأَشْغَلَهُ عَنْ عَاجِلِ الْعَيْشِ أَجَلُهْ "
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلَابِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي عَائِشَةَ -[319]- قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ:
[البحر البسيط]
§فَمَا تَزَوَّدَ مِمَّا كَانَ يَجْمَعُهُ ... إِلَّا حَنُوطًا غَدَاةَ الْبَيْنِ مَعْ خِرَقِ
وَغَيْرَ نَفْحَةِ أَعْوَادٍ تُشَبُّ لَهُ ... وَقَلَّ ذَلِكَ مِنْ زَادٍ لِمُنْطَلِقِ

الصفحة 318