كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، ثنا أَبُو الْمِقْدَامِ هِشَامُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بَعَثَ إِلَيَّ وَأَنَا بِالْمَدِينَةِ فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ جَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ نَظَرًا لَا أَصْرِفُ بَصَرِي عَنْهُ تَعَجُّبًا، فَقَالَ: «يَا ابْنَ كَعْبٍ، إِنَّكَ لَتَنْظُرُ إِلَيَّ نَظَرًا مَا كُنْتَ تَنْظُرُهُ؟» قَالَ: قُلْتُ: تَعَجُّبًا، قَالَ: «مَا أَعْجَبَكَ؟» قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَعْجَبَنِي مَا حَالَ مِنْ لَوْنِكَ وَنَحِلَ مِنْ جِسْمِكَ، وَنَفَشَ مِنْ شَعْرِكَ، قَالَ: «§فَكَيْفَ لَوْ رَأَيْتَنِي بَعْدَ ثَلَاثٍ وَقَدْ دُلِّيتُ فِي حُفْرَتِي - أَوْ قَبْرِي - وَسَالَتْ حَدَقَتَايَ عَلَى وَجْنَتَيَّ، وَسَالَ مِنْخَرِي صَدِيدًا وَدَمًا، كُنْتَ لِي أَشَدَّ نُكْرَةً»
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ، ثنا عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرُ، ح. وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعُقَيْلِيُّ، ثنا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ: دَخَلَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى عُمَرَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ: مَنْ تُوصِي بِأَهْلِكِ؟ فَقَالَ: «§إِذَا نَسِيتُ اللهَ فَذَكِّرُونِي» فَعَادَ لَهُ فَقَالَ: مَنْ تُوصِي بِأَهْلِكِ؟ قَالَ: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللهِ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف: 196]
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا هَاشِمٌ قَالَ: لَمَّا كَانَتِ الصَّرْعَةُ الَّتِي هَلَكَ فِيهَا عُمَرُ دَخَلَ عَلَيْهِ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ أَقْفَرْتَ أَفْوَاهَ وَلَدِكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ فَتَرَكْتَهُمْ عَالَةً لَا شَيْءَ لَهُمْ، فَلَوْ أَوْصَيْتَ بِهِمْ إِلَيَّ أَوْ إِلَى نُظَرَائِي مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ، قَالَ: فَقَالَ: أَسْنِدُونِي ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا قَوْلُكَ إِنِّي أَقْفَرْتُ أَفْوَاهَ وَلَدِي مِنْ هَذَا الْمَالِ فَإِنِّي §وَاللهِ مَا مَنَعْتُهُمْ حَقًّا هُوَ لَهُمْ، وَلَمْ أُعْطِهِمْ مَا لَيْسَ لَهُمْ، وَأَمَّا قَوْلُكَ لَوْ أَوْصَيْتَ بِهِمْ إِلَيَّ أَوْ إِلَى نُظَرَائِي مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فَوَصِيِّي وَوَلِيِّي فِيهِمُ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ، بَنِيَّ أَحَدُ رَجُلَيْنِ: إِمَّا رَجُلٌ يَتَّقِي فَسَيَجْعَلُ اللهُ لَهُ مَخْرَجًا، وَإِمَّا رَجُلٌ مُكِبٌّ عَلَى الْمَعَاصِي فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لِأُقَوِّيَهُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ. ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ بَضْعَةَ عَشَرَ ذَكَرًا قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: بِنَفْسِي الْفِتْيَةُ -[334]- الَّذِينَ تَرَكْتُهُمْ عَيْلَى لَا شَيْءَ لَهُمْ، بَلَى بِحَمْدِ اللهِ قَدْ تَرَكْتُهُمْ بِخَيْرٍ، أَيْ بَنِيَّ إِنَّكُمْ لَنْ تَلْقَوْا أَحَدًا مِنَ الْعَرَبِ وَلَا مِنَ الْمُعَاهَدِينَ إِلَّا كَانَ لَكُمْ عَلَيْهِمْ حَقًّا، أَيْ بَنِيَّ إِنَّ أَمَامَكُمْ مَيْلٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، بَيْنَ أَنْ تَسْتَغْنُوا وَيدْخُلَ أَبُوكُمُ النَّارَ، وَأَنْ تَفْتَقِرُوا وَيَدْخُلَ أَبُوكُمُ الْجَنَّةَ، فَكَانَ أَنْ تَفْتَقِرُوا وَيَدْخُلَ أَبُوكُمُ الْجَنَّةَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ تَسْتَغْنُوا وَيدْخُلَ النَّارَ، قُومُوا عَصَمَكُمُ اللهُ "
الصفحة 333