كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ، ثنا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثنا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ: " اسْتُشْهِدَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَكَانَ يَأْتِي إِلَى أَبِيهِ كُلَّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ فِي الْمَنَامِ فَيُحَدِّثُهُ وَيَسْتَأْنِسُ بِهِ، قَالَ: فَغَابَ عَنْهُ جُمُعَةً ثُمَّ جَاءَهُ فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ، لَقَدْ أَحْزَنْتَنِي وَشَقَّ عَلَيَّ تَخَلُّفُكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا شَغَلَنِي عَنْكَ أَنَّ §الشُّهَدَاءَ أُمِرُوا أَنْ يَتَلَقَّوْا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَتَلَقَّيْنَاهُ، وَذَلِكَ عِنْدَ مَهْلِكِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أُخْتِ عَبْدَانَ، ثنا نَضْرُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ طَوْقٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ أَبِيهِ رَاشِدٍ قَالَ: زَارَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَوْلَايَ، فَلَمَّا أَرَادَ الرُّجُوعَ قَالَ لِي: شَيِّعْهُ، فَلَمَّا بَرَزْنَا إِذَا نَحْنُ بِحَيَّةٍ سَوْدَاءَ مَيْتَةٍ، فَنَزَلَ عُمَرُ فَدَفَنَهَا، فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ: يَا خَرْقَاءُ، يَا خَرْقَاءُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يَقُولُ لِهَذِهِ الْحَيَّةِ: «لَتَمُوتِنَّ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَلَيَدْفِنَنَّكِ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ» فَقَالَ: نَشَدْتُكَ اللهَ إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ يَظْهَرُ إِلَّا ظَهَرْتَ لِي، قَالَ: أَنَا مِنَ السَّبْعَةِ الَّذِينَ بَايعُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْوَادِي، وَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ لِهَذِهِ الْحَيَّةِ: «لَتَمُوتِنَّ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَلَيَدْفِنَنَّكِ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ» فَبَكَى عُمَرُ حَتَّى كَادَ أَنَّ يَسْقُطَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، وَقَالَ: يَا رَاشِدُ، أَنْشُدُكَ اللهَ أَنْ تُخْبِرَ بِهَذَا أَحَدًا حَتَّى يَوَارِيَنِي التُّرَابُ "
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا فَزَارَةُ، ثنا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الْبَصْرِيِّ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ: «§أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ، فَإِنَّهَا ذَخِيرَةُ الْفَائِزِينَ، وَحِرْزُ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِيَّاكَ وَالدُّنْيَا أَنْ تَفْتِنَكَ، فَإِنَّهَا قَدْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِمَنْ كَانَ قَبْلَكَ، إِنَّهَا تَغُرُّ الْمُطْمَئِنِّينَ إِلَيْهَا، وَتَفْجَعُ الْوَاثِقَ بِهَا، وَتُسْلِمُ الْحَرِيصَ -[342]- عَلَيْهَا، وَلَا تَبْقَى لِمَنِ اسْتَبْقَاهَا، وَلَا يَدْفَعُ التَّلَفَ عَنْهَا مَنْ حَوَاهَا، لَهَا مَنَاظِرُ بَهِجَةٌ، مَا قَدَّمْتَ مِنْهَا أَمَامَكَ لَمْ يَسْبِقْكَ، وَمَا أَخَّرْتَ مِنْهَا خَلْفَكَ لَمْ يَلْحَقْكَ»

الصفحة 341