كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، - وَكَانَ كَاتِبَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ بِالشَّامِ - قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى أَبِيهِ عُمَرَ فَقَالَ: «أَيْنَ وَقَعَ لَكَ رَأْيُكَ فِيمَا ذَكَرَ لَكَ مُزَاحِمٌ مِنْ رَدِّ الْمَظَالِمِ؟» قَالَ: عَلِيَّ إِنْفَاذُهُ. فَرَفَعَ عُمَرُ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «§الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِي مِنْ ذُرِّيَّتِي مَنْ يُعِينُنِي عَلَى أَمْرِ دِينِي، نَعَمْ يَا بُنَيَّ، أُصَلِّي الظُّهْرَ إِنْ شَاءَ اللهُ ثُمَّ أَصْعَدُ الْمِنْبَرَ فَأَرُدُّهَا عَلَى رءُوسِ النَّاسِ» فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنْ لَكَ بِالظُّهْرِ، وَمَنْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ بَقِيتَ أَنْ تَسْلَمَ لَكَ نِيَّتُكَ لِلظُّهْرِ؟ قَالَ عُمَرُ: " فَقَدْ تَفَرَّقَ النَّاسُ لِلْقَائِلَةِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: تَأْمُرُ مُنَادِيَكَ فَيُنَادِي: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَأَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى فَاجْتَمَعَ النَّاسُ، وَقَدْ جِيءَ بِسَفَطٍ أَوْ جَوْنَةٍ فِيهَا تِلْكَ الْكُتُبُ، وَفِي يَدِ عُمَرَ جَلَمٌ يَقُصُّهُ حَتَّى نُودِيَ بِالظُّهْرِ "
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيُّ، ثنا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: «§مَا رَأَيْتُ ثَلَاثَةً فِي بَيْتٍ أَخْيَرَ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمَوْلَاهُ مُزَاحِمٍ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ: أَنَّهُ شَهِدَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَيْثُ دُفِنَ ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ لَمَّا دَفَنَهُ وَسَوَّى عَلَيْهِ قَبْرَهُ بِالْأَرْضِ وَضَعُوا عِنْدَهُ خَشَبَتَيْنِ مِنْ زَيْتُونٍ، إِحْدَاهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ، وَالْأُخْرَى عِنْدَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ قَبْرَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، وَاسْتَوَى قَائِمًا وَأَحَاطَ بِهِ النَّاسُ فَقَالَ: «§رَحِمَكَ اللهُ يَا بُنَيَّ، لَقَدْ كُنْتَ بَارًّا بِأَبِيكَ، وَاللهِ مَازِلْتُ مُنْذُ وَهَبَكَ اللهُ لِي مَسْرُورًا بِكَ، وَلَا وَاللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَشَدَّ بِكَ سُرُورًا وَلَا أَرْجَى بِحَظِّي مِنَ اللهِ فِيكَ مُنْذُ وَضَعْتُكَ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ الَّذِي صَيَّرَكَ -[357]- اللهُ إِلَيْهِ، فَرَحِمَكَ اللهُ وَغَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ، وَجَزَاكَ بِأَحْسَنِ عَمَلِكَ، وَرَحِمَ اللهُ كُلَّ شَافِعٍ يَشْفَعُ لَكَ بِخَيْرٍ مِنْ شَاهِدٍ أَوْ غَائِبٍ، رَضِينَا بِقَضَاءِ اللهِ، وَسَلَّمْنَا لِأَمْرِ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. ثُمَّ انْصَرَفَ»
الصفحة 356